"إحصاء" أعداد الحشود بواسطة بيانات الهواتف الذكية وتويتر
رؤيا - بي بي سي - يمكن تقدير أعداد المشاركين في الحشود والتجمعات الكبيرة، اعتمادا على البيانات الجغرافية المسجلة على الهواتف الذكية، وموقع التواصل الاجتماعي تويتر، بحسب ما أفادت به دراسة حديثة.
ودرس باحثون من جامعة وريك البريطانية تغريدات موسومة بمواقع جغرافية، واستخدام الهواتف الذكية على مدار شهرين في مدينة ميلانو الإيطالية.
وقد عكست هذه الأنشطة (التغريدات، واستخدام الهواتف الذكية) في موقعين في المدينة بهما عدد معروف من الزائرين، هما استاد كرة قدم ومطار، عدد الأشخاص الموجودين هناك بالفعل.
ويقول فريق البحث إن ذلك قد يكون أداة قياس فعالة، لإحصاء أعداد المشاركين في التجمعات الحاشدة مثل المظاهرات.
لكن باحثين آخرين يؤكدون أن هذه الأداة ستكون غير صادقة ومنحازة، وفقا لما تستخدمه من بيانات، فعلى سبيل المثال ستقتصر على إحصاء الأشخاص الذين يستخدمون الهواتف الذكية وموقع تويتر، بالرغم من أن تغطية شبكات الهواتف لا تشمل كل المناطق بطريقة جيدة.
لكن الباحثين المشاركين في الدراسة يقولون إن هذه النتائج "نقطة انطلاق جيدة"، لجعل هذه التقديرات أكثر دقة في المستقبل.
ويقول الدكتور توبياس بريس المشارك في الدراسة: "هذه هي الأرقام التي يمكننا الاعتماد عليها، ومن الواضح أن الأمر سيكون أفضل إذا جربنا أمثلة أخرى في دول أخرى من العالم، وبيئات أخرى وفترات زمنية أخرى. السلوك البشري ليس ثابتا في أرجاء المعمورة".
وأضاف: "لكن هذا أساس جيد للغاية يمكننا البناء عليه للحصول على تقديرات أولية".
وتعد هذه الدراسة، التي نشرت نتائجها في دورية الجمعية الملكية البريطانية المفتوحة للعلوم، جزءا من مجال بحث أكبر، يحاول استكشاف مدى إمكانية استخدام الأنشطة التي يقوم بها الأشخاص عبر الإنترنت، في الكشف عن السلوك البشري والظواهر البشرية الحقيقية الأخرى حول العالم.
ويقول فيدريكو بوتا، وهو طالب دكتوراه قاد هذه الدراسة، إن المنهج الذي يعتمد على الهواتف المحمولة يتمتع بمزايا تختلف عن الطرق الأخرى، المتبعة في تقدير أعداد الحشود.
وأضاف بوتا لبي بي سي: "إنه سريع للغاية، ولا يعتمد على الرأي البشري، إنه يعتمد فقط على المعلومات المرتبطة بالهواتف المحمولة أو الأنشطة على تويتر".
هامش الخطأ
وعلى مدار شهرين من دراسة البيانات، التي قدمتها الشركة الإيطالية للاتصالات، ركز بوتا وزملاؤه على مطار ليناتي، واستاد سان سيرو في مدينة ميلانو الإيطالية.
وقارن الباحثون بين الأرقام المعروفة المتعلقة بأعداد الأشخاص في هذين المكانين، بناء على جداول رحلات الطيران ومبيعات تذاكر المباريات، وثلاث قياسات لأنشطة الهواتف المحمولة، وهي: عدد المكالمات الهاتفية والرسائل النصية، وكمية استخدام الإنترنت، وأعداد التغريدات على موقع تويتر.
وقال بوتا: "ما لاحظناه في الحقيقة هو أن حجم هذه الأنشطة تشابه إلى حد كبير مع الأعداد الحقيقية للأشخاص".
ربما لا يكون ذلك مدهشا، لكن فريق البحث رأى تحديدا داخل استاد كرة القدم أن ذلك نموذج موثوق به، يمكنهم الاعتماد عليه في معرفة توقعاتهم.
ما دقة هذه التقديرات؟
يقول بوتا: "نسبة الخطأ المطلقة في هذه الوسيلة تبلغ نحو 13 في المئة، وهذا يعني أن وسيلتنا قد تختلف عن الرقم الحقيقي في القيمة المطلقة بنحو 13 في المئة تقريبا".
ويرى فريق البحث أن ذلك جيد للغاية، مقارنة بالأدوات التقليدية التي تعتمد على الصور والشبكات والتقدير البشري.
وأشار الباحثون إلى المثال الشهير وهي مسيرة "المليون شخص" في العاصمة الأمريكية واشنطن، حيث توقعت أحرص التحليلات خُمس العدد الحقيقي للمشاركين، واختلفت التقديرات كثيرا عن العدد الحقيقي، فبينما قدرت الأولى عدد المشاركين في المسيرة بنحو 400 ألف شخص، بلغ العدد الحقيقي مليوني شخص.
وتقول الدكتورة سوزي موات المشاركة في الدراسة إن نتائج استاد كرة القدم كانت أفضل مما توقعه الباحثون.
وأضافت لبي بي سي: "لقد كان من المدهش حقيقة أن نجد هذا التوافق الكبير، بين بيانات الاتصالات السلكية واللاسلكية وتقديرات أعداد الحشود".
ويقول الدكتور إيد مانلي، المحاضر في مركز التحليلات المكانية المتقدمة في كلية لندن الجامعية، إن هذه الأداة تتمتع بإمكانيات كبيرة، وعلى الباحثين أن يكونوا "متفائلين، لكن بحذر" إزاء استخدام بيانات الهواتف على هذا النحو.
ويضيف: "هناك تحيزات محتملة في هذه الطريقة: مثل من هم من نقيس أنشطتهم عبر مجموعة البيانات؟"، ويشير مانلي إلى تويتر على سبيل المثال، باعتبار أن قاعدة مستخدميه ينتمون لفئة الشباب والموسرين نسبيا.
ويختتم قائلا: "إذا اعتمدنا على مجموعة البيانات هذه لكي نعرف مكان وجود التجمعات، فماذا سيحدث إذا كانت لدينا مشكلة في طريقة جمع هذه البيانات؟"