أطفال نازحون يجلسون على تلة فوق مخيم للاجئين في بلدة بر الياس في البقاع - لبنان
اللجوء السوري في لبنان: قنبلة موقوتة وسط تجاهل أممي - فيديو
- قلق ومخاوف وأحداث أمنية ومؤتمر بروكسل يؤجل الحلول
ينافس ملف اللجوء السوري في لبنان، أهوالَ الحرب في الجنوب اللبناني. فمشكلةُ اللاجئين تكاد تغدو كرةَ نارٍ آيلة للانفجار في ضوء العبء متعدّد الوجه الذي يشكّله وجود أكثر من مليوني سوري في بلد تستوطنه أزمات هائلة في الاقتصاد والمال والسياسة والأمن والاجتماع ويشكلون حوالي ثلث عدد السكان.
على مدى أكثر من ثلاثة عشر عاما تعمّقتْ أزمة اللجوء السوري في لبنان بعدما تحوّلت مشكلة إنسانية وسياسية واقتصادية وديموغرافية واجتماعية تمتدّ تشعباتها بين لبنان وسورية ودول اللجوء الأوروبية لتصل إلى الأمم المتحدة والمفوضية العليا للاجئين ومعهما الولايات المتحدة والدول الغربية المعنية بقانون قيصر والملف السوري.
وبين دول مستضيفة كلبنان تطلب عودة اللاجئين السوريين الى بلدهم وبين دول أوروبية مانحة ترفض أي كلام عن عودتهم الى وطنهم لأن ظروف العودة الطوعية والآمنة غير مهيأة برأيها , توزعت المواقف في النسخة الثامنة من مؤتمر بروكسل بشأن مستقبل سوريا والمنطقة.
العبء الثقيل الذي تتراكم تداعياتُه، حمله وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب إلى بروكسل. وعلى وقع لهجة عالية الصوت، وجازمة باسم كل اللبنانيين ، خاطب بو حبيب الاوروبيين، معلناً " ان الوضع وصل الى نقطة اللاعودة، وأن إبقاء الوضع على ما هو عليه سيشكل خطراً وجودياً على لبنان ولن تكون أوروبا بمنأى عن تداعياته".
وأعلن بو حبيب أننا " ندق ناقوس الخطر من باب حرصنا على التعاون معكم، فلبنان يخطو خطوات متسارعة نحو الانفجار الكبير، في حال استمرار سياسة شراء الوقت في موضوع النزوح". وأضاف " لقد تغيرت الأحوال بصورة جذرية في الداخل اللبناني، وتكاثرت التحديات والمشاكل، وشحّت الموارد، إقليمياً ودولياً". وتوجه الى المجتمعين بالقول " جئنا إليكم اليوم لانتهاز هذه الفرصة الأخيرة، قبل فوات الأوان، لوضع أسس لمقاربة مختلفة جذرياً ومستدامة لإعادة النازحين إلى ديارهم، وفصل السياسة عن النزوح قبل فوات الأوان، وانهيار الهيكل علينا وعليكم".
وهنا تقول مصادر سياسية مطلعة لرؤيا "إن ما يميز الموقف الرسمي في مؤتمر بروكسل حول ملف النازحين السوريين هو تماسكه والإجماع الذي تحقق بشأن مقاربة هذا الملف من أجل معالجته عبر سلسلة نقاط تحط في بروكسل". ولفتت المصادر إلى " أن اعادة التأكيد على أن لبنان بلد عبور وليس بلد لجوء هي لسان حال الموقف اللبناني، فيما حمل الوفد الرسمي معه آلية بالنسبة إلى النازحين وترحيلهم"، معربة عن اعتقادها أنه "لم تكن هناك حماسة أوروبية لذلك وقد لا تكون، إنما لبنان قال ما يريد وسيعمل على الضغط لتنفيذ هذه الآلية".
الموقف اللبناني تصادم مع الموقف الأوروبي, وجاء موقف مسؤول السياسة الخارجية الأوروبية جوزيب بوريل حاسما لجهة رفض عودة اللاجئين الى سوريا غير الامنة برأيه، مجددا التعهد بدفع أكثر من ملياري يورو لمساعدتهم في أماكن اللجوء ، في تجديد للمعادلة الأوروبية "خذوا فتات الأموال وابقوا اللاجئين عندكم".
وأردف بوريل قائلاً: "لكن التزامنا لا يمكن أن ينتهي بالتعهدات المالية وحدها"، وأضاف "على الرغم من الافتقار إلى تقدم في الآونة الأخيرة، لا بد من أن نعيد مضاعفة جهودنا لإيجاد حل سياسي للصراع، حل يدعم تطلعات الشعب السوري لمستقبل سلمي وديموقراطي".
وقبيل انعقاد المؤتمر, تظاهرت مجموعات من الانتشار اللبناني بمشاركة نواب من القوات اللبنانية أمام قصر العدل في بروكسيل ، للمطالبة بعدم إبقاء السوريين في لبنان. وحمل المتظاهرون لافتات "ندّدت بتداعيات هذا الوجود غير الشرعي في لبنان على المستويات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية فضلاً عن سيادة البلد وهويته".
كما نظم "التيار الوطني الحر" في بلجيكا بالتعاون مع المجلس الوطني في أوروبا تحركاً شدد على "دعم الانتشار اللبناني لوطنهم لبنان في مواجهة ازمة النزوح التي رتبت على لبنان أعباء ضخمة لا سيما اقتصادياً منذ العام 2011 "، وطالبوا المجتمع الدولي والاتحاد الأوروبي بـ"الضغط في سبيل حل هذه الازمة ودعم النازحين في بلادهم وليس في لبنان".
باختصار لم يتبدل شيء في الاستراتيجية الأوروبية حيال الملف، والتظاهرة الرسمية والسياسية اللبنانية التي شهدتها بروكسيل تركت دلالات من شأنها ان تشكل مؤشراً الى تصعيد مطرّد ومتواصل واشد حدة في الصراع اللبناني الأوروبي الدولي حول أخطار اللجوء. وما الحملات الشرسة التي طالت اللاجئين السوريين في لبنان أخيراً سوى جرس الإنذار وصل إلى درجة من الغليان تنذر بانفجار مدوٍّ في أي لحظة وسط قلق وخوف في صفوف اللاجئين.
جرائمُ قَتْلِ وسرقة واعتداءات شبه يومية أبطالها سوريون، والأرقام المُقْلِقَة التي نشرتها قوى الأمن تضع اللبنانيين في حال من الخوف والحذر يقابلها رأي إنساني وحقوقي مضاد يقول إن نسبة المخلين بالأمن لا تتعدى الخمسة بالمئة من مجمل عدد اللاجئين البالغ 2.3 مليون ولا بد من إيجاد حلول إنسانية تحفظ لهم حقوقهم الأساسية.