علم الأردن
مختصون عشائريون وقانونيون: العشائر خزان لبناء الأردن ولا تستخدم سيفها للاستقواء عليه
واجه الأردن عبر تاريخه الذي تجاوز المئة عام ظروفا كثيرة معقدة، لكنه تجاوزها بفضل سيادة القانون ووقوف مكونات المجتمع من عشائره كافة في وجه الفوضى وقوى الشد العكسي التي أرادت هدم كل ما تم بناؤه عبر هذه السنوات الطويلة.
مختصون عشائريون وقانونيون وعلم الاجتماع، أكدوا أن العشائر هي خزان لبناء الوطن ولا تستخدم سيفها للاستقواء عليه، وهي مكون أساسي ولها إطار محدد في المجتمع، وأن تناول أية قضية تهم الرأي العام والوطن يجب أن يتسم بالحكمة والتروي واختيار الأسلوب المناسب والذي ينسجم مع قيم المجتمع وثقافته بعيدا عن الإساءة لكرامات الأشخاص وهم أيضا أبناء دولة وعشائر نبيلة وأصيلة في المجتمع.
وأكد شيخ عشيرة العيسى وعضو مجلس الأعيان الأسبق الشيخ طلال صيتان الماضي، أن قوة العشائر يجب أن لا تستخدم للاستقواء على الدولة ويجب ان تكون الدولة مبنية على أساس العدالة وسيادة القانون .
وأضاف أن الأردن اليوم بحاجة إلى حوار وطني وجلسات مكثفة تستمع فيه السلطة بكل مؤسساتها للناس وتخفف من حالة الاحتقان السائدة بسبب الظروف الاقتصادية والاحوال في فلسطين وتفويت الفرصة على الاحتلال بتشتيت الانتباه عن القضية الاهم وهي القضية الفلسطينية.
اقرأ أيضا : مجلس الأعيان يطالب بتطبيق القانون على كل من يخرج عن النظام العام ويتطاول على هيبة الدولة
وأكد ان جلالة الملك عبد الله الثاني سبق كل التيارات السياسية ونادى بالإصلاح على المستويات كافة، ويجب أن تلتقط أجهزة الدولة المعنية هذه الرسائل وأن تبدأ بإصلاح يبدأ بقانون انتخاب عصري ينتج برلمانا يعبر عن الأردنيين الذين يمتازون بالوعي والثقافة وبنوا الأردن خلال مئة عام ويدخلون مئة عام ثانية وكلهم أمل بأن تكون دولتهم أقوى وقائمة على العدالة وتكافؤ الفرص.
ولفت إلى ان العشائر خزان اجتماعي مهم جدا للوطن، ويجب أن تبقى هذه العشائر في إطارها الاجتماعي وان تكون حاضنة لكل التيارات السياسية والتي تسهم وأسهمت في بناء الوطن .
وبين أن أبناء العشائر هم أبناء الوطن وحريصون على تماسكه واستقراره ولا يبحثون عن جر البلاد وأهلها إلى الفوضى وان القوة الاجتماعية هي التي تسهم في حل كثير من القضايا والمشكلات التي تعترض طريق الوطن بين حين وآخر.
ولفت إلى ان القانون يحتاج إلى سلطة لإنفاذه وهذه السلطة يجب أن تمتاز بالعدالة وإيصال الحقوق لأصحابها وهذا جزء من الانتقال إلى دولة القانون وترسيخها، متمنيا الاسراع في تنفيذ الاصلاحات في مختلف المجالات وتطبيق مبادئ الحرية والعدالة .
ولفت إلى أن ما حدث في مؤسسة البرلمان كان يجب أن لا ينتقل إلى الشارع، فمن تقدم بالشكوى هم النواب ضد زميل لهم، ومن عالج الشكوى أيضا هم النواب، ورئاسة المجلس تعاملت مع شكوى أيضا، وحدثت أخطاء ومشكلات أكبر من هذه المشكلة وكان باب الصلح الاجتماعي حاضرا، وهنا يبرز السؤال لماذا لم تكن الجهود موجهة للصلح الاجتماعي، فهناك خطأ لنائب ضد زملائه والحكومة هنا ليست طرفا فيه، وكل ما حدث سابقا لم يتم به اللجوء إلى الشارع.
وأكد أن لا أحد في الأردن يرغب في اللجوء للفوضى والسير إليها وهناك من ينتظر أن يصبح الأردن بؤرة توترات وأن لا تستقيم الحياة به، لذا يجب على الجميع الاتحاد لتفويت هذه الفرصة على من يبحثون عن خرق في السفينة الأردنية لإغراقها.
وبين الخبير القانوني الدكتور سيف الجنيدي إن مفهوم سيادة القانون هو مفهوم قانوني سياسي اجتماعي، ويقصد به تولد إرادة جمعية باعتبار القانون بفروعه كافة بمثابة ضمانة لحماية حقوق الأفراد والسبيل الطبيعي لبناء دولة المؤسسات، وما يتولد به الشعور بالطمأنينة.
ولفت إلى أن هذا المبدأ يعتبر مبدأ حقوقيا بامتياز؛ لاتصاله بالمبادئ والمعايير الدستورية التي تمثل التعبير الأسمى لإرادة الامة وسيادتها، والضامن الأساس للحقوق والحريات، والأداة المثلى لتحقيق العدالة الاجتماعية وصولا إلى مجتمع ديمقراطي .
وأكد أن تحقيق سيادة القانون هو واجب تشاركي يقع على عاتق الدولة والتنظيمات الاجتماعية والأفراد من منطلق مفهوم المواطنة الفاعلة، وأسست الرؤى الملكية في الأوراق النقاشية منهجا استراتيجيا نهضويا لمسار الدولة الأردنية، والتي بدورها تعكس مدلولات شرعية النظام الدينية والمواثيقية.
وأشار إلى أن جلالة الملك نادى في الورقة النقاشية السادسة بعنوان سيادة القانون أساس الدولة المدنية بتأطير وتطبيق أسس المفهوم الحقوقي لمفهوم سيادة القانون بأبعاده الستة التي يجمع عليها الفقه القانوني، والتي تمثلت بالخضوع لحكم القانون، وضمان تطبيقه بعدالة ومساواة، واستقلالية القضاء، بمعنى توفر نظام عدالة فعال وعادل،يضمن مكافحة الفساد المالي والإداري أو المحسوبية، ويعزز قيم المواطنة دون تمييز .
وقال إن العشائر الأردنية أدت دورا بارزا في تأسيس الدولة الأردنية، وتعزيز واستقرار المؤسسات الدستورية، وهي ركيزة أساسية لاستقرار الدولة باعتبارها تنظيمات اجتماعية فاعلة تؤدي حتى أيامنا أدوارا اجتماعية وسياسية وتنموية.
ولفت إلى أنه وعلى الصعيد التشريعي، فعلى الرغم من سن قانون إلغاء القوانين العشائرية بموجب القانون رقم 34 لسنة 1976، إلا أن القضاء العشائري والأعراف العشائرية ساهمت إلى حد كبير في تطويق الخلافات المجتمعية، وإبرام الصلح وإسقاط الحقوق الشخصية في بعض الخلافات.
وأشار إلى أن أنماط استغلال المنظومة العشائرية لتحقيق شعبويات ومصالح شخصية والانقضاض على مفهوم الدولة والمس بالنظام العام، فهو ليس مجرد مخالفات قانونية، وإنما ترتقي إلى مرتبة الإساءة للمبادئ التأسيسية، والاعتداء الصارخ على الاستقلال بمدلولاته التاريخية المؤسسة للدولة.
وقال : لتحقيق الرؤى الملكية لتعزيز مفهوم سيادة القانون، يجب اليوم التعمق في دراسة جذور المبادئ التأسيسية للدولة الأردنية ونقل هذه المعرفة بأمانة ومهنية إلى جيل الشباب؛ ابتداء بالقانون الأساسي لسنة 1928، ومرورا بدستور المملكة الأول لسنة 1947، وصولا إلى دستور المملكة لعام 1952 وتعديلاته.
وأوضح أن غياب التعمق في فهم هذه المبادئ التأسيسية أدى إلى عدم إدراك جوهر الدستور الأردني ومفهوم الملكية الدستورية، وضبابية مفهوم الشرعية الدستورية، واجتزاء جوهرها بالتفسير النصي والبحث عن براهين، إضافة إلى ضرورة السعي الجاد من الأحزاب السياسية والتنظيمات الاجتماعية؛ للبحث عن آليات تنفيذية مساندة للتوجهات الملكية لتسهم في إسراع التحول الديمقراطي المتجسد في الأوراق النقاشية الملكية التي رسمت رؤية محددة لدولة ديمقراطية نابعة من المبادئ والمعايير الدستورية.
وقال"أردنيا نحن بحاجة إلى إعادة إنتاج الخطاب الرسمي حول مفهوم الدولة والمواطنة والنظام الدستوري، على أن يتزامن هذا مع نهضة عميقة للخطاب الديني والعملية التعليمية وأدواتها بهذا السياق؛ لتحقيق مناعة مجتمعية فكرية بنيوية ذات أبعاد وطنية تأسيسية".
ولفت إلى أن الأردن اليوم بأمس الحاجة إلى صدمة خلاصية تؤسس لذاكرة جماعية مستقبلية نقية ذات مناعة تسهم في تنقية الذاكرة الأردنية، وبناء مفهوم دولة ذات عبق تاريخ أردني خالص مليء بالتجارب الإنسانية والتضحيات التي أسست دولة ذات نظام سياسي شرعي دينيا ومواثيقيا، واستيعاب طبيعة النظام الدستوري، وإدراك مكانة الملك الدستورية باعتباره الأمين على الأمة ومستقبلها بمدلولاتها التاريخية المؤسسة للدولة، والضامن لسمو الدستور، وعنصر التوازن بين السلطات الدستورية الثلاث؛ لتسهم في تعزيز التحول الديمقراطي .
وقالت أستاذة علم الاجتماع في الجامعة الأردنية الدكتورة ميساء الرواشدة إن تناول أية قضية تهم الرأي العام والوطن يجب أن يتسم بالحكمة والتروي واختيار الأسلوب المناسب والذي ينسجم مع قيم المجتمع وثقافته بعيدا عن الإساءة لكرامات الأشخاص وهم أيضا أبناء دولة وعشائر نبيلة وأصيلة في المجتمع.
واضافت أن تناول هذه القضايا بحكمة وترو يضمن للجميع تسليط الضوء عليها والاهتمام بها واحترام أحكام الدستور في مناقشة القضايا الوطنية.
ولفتت إلى أن المجتمع تطور كثيرا وتقدمت به مؤسسات الدولة وتشريعاتها والانظمة التي تحكم عملها، وبالتالي فإن أي سلوك غير محسوب ولا يسير ضمن الضوابط القانونية ينعكس سلبا على المجتمع وسلوكه.
وقالت إن البديل الذي ينتظر المجتمع في ظل الابتعاد عن القنوات القانونية هو بديل الفوضى والتعدي على كرامة الإنسان وتسود شريعة الغاب التي تكون نتائجها مكلفة ومرهقة على الأفراد داخل المنظومة المجتمعية.
ولفتت إلى أن العشيرة وقوانينها وضوابطها هي مكون أساسي في المجتمع تسهم بسيادة القيم ومنع الفوضى والظلم من الانتشار في الحياة المدنية وهي كمكون اجتماعي تخضع للقانون الذي يحكم عمل الدولة ولا يجوز أن تكون فوقه.
وأشارت إلى أن المجتمع الأردني يملك اليوم جامعات ومستشفيات وأجهزة عسكرية ومدنية وتسود الفوضى من حوله في عدة دول وهذا يجب أن ينتبه له أي فرد في هذا المجتمع وإن أراد المعارضة لقضية ما أو إثارة سخط على قضية ما يجب أن لا تخرج عن سياقات القانون وبما يحفظ كرامات الناس وعدم التعدي عليها.
ونوهت إلى أن قضية انقطاع الكهرباء عن الأردن لم يعاني منها نائب أو فرد بل كانت المعاناة عامة وتستطيع الجهات الرقابية بمجلس النواب وغيره من تتبع هذه القضية بما يبقي العشائر والأفراد خارج دائرة السخط والعنف وبما يضمن التوزان واستمرار المجتمع بأمنه وأمانه.
