تنضم الأدوات عالية التقنية إلى السباق لتحقيق التوازن بين الجندري في الأخبار

هنا وهناك
نشر: 2019-03-08 17:30 آخر تحديث: 2023-06-18 15:24
تنضم الأدوات عالية التقنية إلى السباق لتحقيق التوازن بين الجندري في الأخبار
تنضم الأدوات عالية التقنية إلى السباق لتحقيق التوازن بين الجندري في الأخبار

 عدم وجود توازن جندري في وسائل الإعلام مشكلة عالمية. بغض النظر عن البلد أو المنطقة، تظهر الأرقام قلة الأصوات النسائية في الأخبار، سواء كموضوع، كمصادر، أو كصحفيات. ولكن لحل المشكلة، نحتاج إلى معرفة حجمها الحقيقي. لهذا يتم إنشاء وابتكار العديد من  الموارد والمصادر، منها الحلول الرقمية والأدوات الحديثة، بالإضافة إلى مبادرات لزيادة الوعي لتتبع التكافؤ الجندري في الأخبار كخطوة أولى لعكس الخلل.

لقد تصدر موضوع التوازن الجندري إهتمام العديد من الصناعات في جميع أنحاء العالم، ويرجع الفضل في ذلك جزئيًا إلى حملات التوعية الاجتماعية مثل حركة #MeToo. ولكن عندما يتعلق الأمر بوسائل الإعلام، لا تزال المرأة ممثلة بنسبة 1 إلى 3. في السنوات الخمس بين عامي 2010 و 2015، لم تظهر النساء سوى بنسبة 24 في المائة  كمحتوى أو كمصادر، سواء في وسائل الإعلام المطبوعة أو الراديو أوالتلفزيون أو على المواقع الصحفية على الإنترنت، وفقًا للمشروع العالمي لرصد وسائل الإعلام the Global Media Monitoring Project.

ومع انتشار قضية المساواة الجندرية في جميع أنحاء العالم، تعمل المنظمات الإعلامية والشركاء على توحيد الجهود لإيجاد حلول تراقب عدد المرات التي تظهر فيها النساء في المقالات، كمصادر أو كمحتوى أو كصحفيات. تأتي هذه الموارد على شكل أدوات تتبع رقمي وأدوات عالية التقنية بالإضافة إلى تنفيذ سياسات أو حملات توعية تحث على التوازن الجندري. يأتي كل ذلك في محاولة لتغيير ثقافة الأخبار حول العالم.

الأدوات التقنية تقتحم السوق

تتصدر أمريكا الشمالية وأوروبا الإبتكارات في تكنولوجيا تتبع النوع الجندري، حيث تتوفر العديد من الأدوات الرقمية. في كندا، ينظر برنامج Gender Gap Tracker التابع لمؤسسة Informed Opinions إلى نسبة النساء إلى الرجال في المصادر المقتبسة في الأخبار عبر الإنترنت في جميع أنحاء البلاد. يمكن للمستخدمين تحديد نطاق زمني وضبط شريط تمرير لتتبع تقدم مصادر الأخبار المفضلة لديهم خلال فترة زمنية محددة.

في السويد، ابتكر المطور ماكس بيرجرن أداة مماثلة في Prognosis لمراقبة المواقع الإخبارية في السويد وأمريكا والمملكة المتحدة. يتم نشر نتائج التعقب كل 24 ساعة على حساب تويتر الخاص ب Prognosis.

في الولايات المتحدة، اتخذت Bloomberg مبادرة لتصحيح اختلال التوازن الجندري في تغطيتها. ابتداءً من عام 2018، عززت المنظمة برنامج نشر الأخبار لديها بحيث تتمكن من تتبع التنوع في المقالات المنشورة. تسمح الأداة للمحررين بوضع علامة في كل مرة تحتوي فيها مقالة على مصدر نسائي.

وأعدت Financial Times، ومقرها في لندن، أداة في نوفمبر الماضي تحذر الصحفيين عندما تقتبس مقالاتهم إلى عدد كبير من الرجال. تم إنشاء البوت بعد أن وجدت المؤسسة  الإخبارية أن 21 في المائة فقط من الأشخاص الذين تم اقتباسها في منشوراتهم كانوا من النساء. الآن، يتم تنبيه مُحرري الأقسام إذا لم يفعلوا ما يكفي لاستخدام المصادر النسائية.

بدأت  المؤسسات غير الربحية أيضًا بإنشاء موارد لتتبع نسب التنوع الجندري. تستخدم United for News، وهي تحالف عالمي لوسائل الإعلام، والمنظمات غير الحكومية، التوعية  والدعم لتحسين الأرقام المتعلقة نسب التنوع الجندري. وأعلنوا مؤخرا عن برامج رائدة في كندا والعراق وأوكرانيا لمعالجة نقص التنوع الجندري في الأخبار.

قامت منظمة اليونسكو ، بدعم من مطبعة جامعة كامبريدج  Cambridge University Press، بتطوير امتداد "عنوانها الرئيسي" للمتصفح Chrome  والذي يركز على المساواة الجندرية في الأخبار الرياضية، إذ يقوم بمسح سريع للمقالات الرياضية ويبرز الكلمات والعبارات التي بها تحيز جندري.

ويستعد برنامج النساء في الأخبار التابع لمؤسسة وان-ايفرا لإطلاق تطبيق مجاني عبر الإنترنت بحلول منتصف عام 2019 - The WIN Gender Tracker. يتم تطويره نسختين للتطبيق: واحدة للصحافيين وواحدة للمؤسسات الإعلامية. في الوقت الذي سيكون فيه الصحفيون قادرين على تمرير مقالاتهم من خلال التطبيق لمعرفة نسبة التوازن الجندري بين محتواهم و كيف يمكنهم تحسين هذه النسب، ستتمكن المؤسسات الإعلامية من إجراء تحليل منتظم لكميات كبيرة من المحتوى الرقمي وتتبع التقدم على مدار الوقت.

تقول ميلاني والكر، مديرة برنامج النساء في الأخبار: "هذا التطبيق ليس لمراقبة وسائل الإعلام، بل إنها أداة مخصصة للصحفيين والمؤسسات الإعلامية لاستخدامها داخل المؤسسات، للسماح لهم بمراقبة التوازن الجندري  في محتواهم حتى يتمكنوا من تحسينه".

الحلول غير التقنية تعمل أيضا

الأدوات التقنية وبرامج التتبع جيدة جدا، ولكن ماذا لو لم يكن لدى المؤسسات الإعلامية الوسائل أو الدراية لإنشاء حلول رقمية؟ في VK Media في السويد، يقوم الصحفيون والمحررون بتتبع التوازن الجندري بإستخدام وسائل قديمة و متاحة. منذ عام 2002، تقوم المؤسسة الإعلامية بقياس التوازن الجندري في  الشخصيات الرئيسية في المقالات المنشورة في الوسائل المطبوعة بطرق عد بسيطة، بعد أن أظهرت دراسة أن 23 في المائة فقط من الشخصيات الرئيسية في المقالات الإخبارية كن نساء بينما كانت تمثل المرأة 51 في المئة من القراء.

"في الأشهر الثلاثة الأولى قمنا بعد الشخصيات الرئيسية كل يوم في كل قصة في كل قسم في كل صفحة" ، تقول ماري لويز جارلينفورز، مديرة الديجيتال في VK Media. "كانت تلك هي الصيغة الرابحة بالنسبة لنا". في الأشهر الستة الأولى، قفزت نسبة النساء كشخصيات رئيسية في المقالات في VK Media إلى 38 في المائة، والآن تصل النسبة إلى 49 في المائة.

وفي المملكة المتحدة، أجرت هيئة الإذاعة البريطانية BBC  تحدي 50:50 منذ يناير 2017 كطريقة لضمان التوازن الجندري في أصوات الخبراء المستخدمة عبر قنواتها. ينظر التحدي إلى كتاب المقالات  والمراجع والصور الفوتوغرافية عند حساب عدد النساء والرجال الذين يتم تمثيلهم في الأخبار.

ما بدأ مع برنامج Outside Source ، توسع الآن ليشمل برامج مثل BBC News في Six and Ten و The One Show ، وقد أعلن المدير العام لهيئة الإذاعة البريطانية BBC أن الهدف أن تصل المؤسسة للتوازن الجندري في أصوات الخبراء في جميع البرامج والمواقع الإلكترونية بحلول أبريل 2019. وتقوم الآن عدد من المؤسسات الإخبارية في أوروبا والولايات المتحدة بتطبيق تحدي 50:50.

ضرورة وجود استراتيجيات قوية للتوازن الجندري

تلتزم مؤسسات إخبارية أخرى بطرق أكثر تقليدية لضمان التوازن الجندري في غرف الأخبار الخاصة بها - وهذا يثبت أنك لا تحتاج إلى أدوات تقنية وأدوات تعقب لتحدث تغيير في نسب التوازن الجندري. في Mint في الهند، ضمنت سياسة الأخلاقيات أن تكون 50٪ من صحافيي المؤسسة  النساء، بما في ذلك فريق القيادة المكون من 16 عضوًا. يعمل فريق التحرير أيضًا على التأكد من أن التوازن الجندري يظهر في المحتوى بإنتظام.

لتشجيع المؤسسات الإعلامية على جعل التوازن الجندري في الأخبار ممارسة شائعة، تعمل المؤسسات غير الربحية على توفير الموارد والأدوات للصحفيين والمحررين. غالبًا ما يكون رفع الوعي هو الخطوة الأولى. تستضيف بوابة Who Makes the News للمعلومات والموارد، مشروع مراقبة الإعلام العالمي Global Media Monitoring Project، وهو أطول مبادرة بحثية في العالم تعمل على تعزيز المساواة الجندرية  في وسائل الإعلام. أنشأت Free Press Unlimited سياسة للمساواة الجندرية والتي تنضمن أدوات وخطط تشغيلية للمؤسسات. وتقدم منظمة Chicas Poderosas، وهي منظمة غير حكومية تعمل في أمريكا اللاتينية والولايات المتحدة وأوروبا، مهارات إعلامية جديدة للنساء.

أمل في المستقبل

لقد بدأ السباق نحو المساواة الجندرية، ومع توفر الكثير من الموارد - من الأدوات التقنية وأدوات التتبع إلى السياسات التحريرية - فإننا نرى تغيرات كبيرة في الأفق. مع جهود الجميع - من المديرين والمديرين التنفيذيين إلى الصحفيين والمحررين - يمكن أن تحدث طفرات كبيرة في التوازن الجندري  في وسائل الإعلام.

 

 

أخبار ذات صلة

newsletter