ارشيفية
منطقة اليورو تعلن انتهاء أزمة ديون اليونان
رحبت اليونان الجمعة بالاتفاق "التاريخي" الذي توصلت اليه منطقة اليورو معلنة انتهاء ثماني سنوات من أزمة الديون، واشاد رئيس وزرائها الكسيس تسيبراس بالحدث "التاريخي" مرتديا ربطة عنق للمرة الاولى مع تاكيده الاتجاه نحو المزيد من العدالة الاجتماعية.
وأبرم الاتفاق الذي يشمل تخفيفا كبيرا لمرة اخيرة لديون اثينا ليل الخميس الجمعة اثر اجتماع لوزراء مالية منطقة اليورو استمر اكثر من ست ساعات في لوكسمبورغ.
ويهدف الاتفاق الى تمكين اليونان كما هو مقرر من الخروج من وصاية دائنيها، منطقة اليورو وصندوق النقد الدولي في 20 آب/اغسطس.
وقال رئيس الوزراء اليوناني الكسيس تسيبراس "لقد توصلنا الى اتفاق تاريخي في مجموعة اليورو بالامس حول ديون اليونان"، ساعيا مع ذلك الى الواقعية من خلال تاكيده انه "تكتب صفحة جديدة لكن يجب ان نخرج عن طريق الاصلاحات والجهود في الموازنة".
وظهر تسيبراس اليساري المتشدد الذي كان يرفض وضع ربطة عنق طالما بقيت بلاده تحت رحمة دائنيها، للمرة الاولى بربطة عنق مساء الجمعة امام نواب ائتلافه اثناء خطاب بدا فيه متاثرا جدا في وسط اثينا.
لكنه عاد ونزع ربطة العنق عند انتهاء الخطاب قائلا ان الشعب اليوناني "كسب معركة ولم يكسب الحرب" وانه لن يرتدي ربطة عنق الا عند احراز نصر جديد.
-"عدم العودة الى يونان الامس"-
وشدد تسيبراس على الاستمرار في النهج الجدي مؤكدا "يجب ان لا نعود الى يونان الامس حيث كان الفساد معمما والنفقات بلا حدود". واظهر تسيبراس الذي كثيرا ما يتهمه اليسار بالخيانة، انه يرغب في الحكم وفق مبادئه.
وقال ان نهج "التقشف سيعوض شيئا فشيئا بالعدالة الاجتماعية" واعدا بخفض الضرائب في 2019 و"بعودة تدريجية للدولة الاجتماعية (...) والاتفاقيات المشتركة ورفع الحد الادنى للاجور".
لكن وسائل اعلام ومحللين حذروا من الافراط في التفاؤل قائلين إن احترام التزامات الموازنة الواردة في الاتفاق سيتطلب تطبيق قواعد صارمة جدا. كما ان البلاد ستبقى خاضعة لمراقبة مشددة من الجهات الدائنة حتى 2022.
وكتبت صحيفة المعارضة "تا نيا" انه "سيكون خطأ رهيبا التوهم ان نهاية برامج المساعدة تعني عودة الى الوضع الطبيعي"، مضيفة "سيلي ذلك مراقبة مشددة لم تشهدها اي دولة اخرى" بعد مثل هذه البرامج.
وكان وزراء مالية منطقة اليورو اتفقوا في لوكسمبورغ في وقت مبكر الجمعة على سبل خروج اليونان من برامج المساعدة التي تستفيد منها منذ ثماني سنوات وكذلك اجراءات تخفيف ديونها.
اقرأ أيضاً : اليونان ومقدونيا توقعان اتفاقا ينهي خلافا استمر 27 عاما حول اسم مقدونيا
وقال المفوض الاوروبي للشؤون الاقتصادية بيار موسكوفيسي إن "أزمة اليونان تنتهي هنا، هذه الليلة. وصلنا اخيرا الى نهاية النفق الذي كان طويلا جدا وصعبا. انها لحظة تاريخية".
واشاد الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ب "انطلاقة جديدة لهذا البلد الصديق الذي تدعمه فرنسا كثيرا" وراى في الاتفاق دليلا على انه "رغم الصعوبات اوروبا تتقدم".
-"تهاني يا رفاق"-
ووافق الاوروبيون الجمعة على تمديد استحقاق تسديد قسم كبير من ديون اليونان لمدة عشر سنوات، رغم ان مستواه يبقى الاعلى في الاتحاد الاوروبي (180% من اجمالي الناتج الداخلي) ما سيتيح لليونانيين عدم البدء بتسديد قسم من الديون سوى اعتبارا من 2032 بدلا من 2022 كما كان قائما حتى الان.
كما اتفق الوزراء على دفع آخر شريحة من المساعدة وتبلغ 15 مليار يورو مقابل 88 من الاصلاحات التي انجزتها اليونان في الاسابيع الماضية.
ومن أصل هذا المبلغ، 5,5 مليارات مخصصة لخدمة الدين و9,5 مليار "لشبكة امان مالية" واكثر من 24 مليار يورو للاشهر ال22 التي ستلي خروج اليونان من البرنامج.
واثر ضغوط مارستها ألمانيا، ستبقى بعض إجراءات تخفيف الديون مشروطة بمواصلة آخر الاصلاحات وبعضها سيمتد على أشهر عدة.
لكن أثينا ستكون اعتبارا من خروجها من برنامج المساعدات في آب/اغسطس وحتى العام 2022 تحت مراقبة مشددة من جانب الاوروبيين، وستكون المراقبة أشدّ حتى من تلك التي فرضت على البرتغال وقبرص وايرلندا.
واعلن الاوروبيون ايضا انهم سيستعرضون وضع الديون اليونانية عام 2032 ويتفقوا اذا لزم الامر على إجراءات تخفيف جديدة.
وأعلنت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد التي كانت حاضرة في لوكسمبورغ الجمعة ان الصندوق الذي شارك ماليا في أول برنامجين يونانيين، لن يشارك في الثالث لكنه سيبقى ضالعا في مراقبة ما بعد برنامج الخروج.
وحصلت اليونان خلال ثماني سنوات على مساعدات تزيد عن 273 مليار يورو من دائنيها، منطقة اليورو وصندوق النقد الدولي، وزعت على ثلاثة برامج مساعدات.
في المقابل، اضطر اليونانيون إلى تطبيق مئات الاصلاحات التي غالبا ما كانت مؤلمة، وكان هدفها بشكل أساسي تصحيح المالية العامة.
وبلغ إجمالي الناتج الداخلي 1,4% عام 2017. ومن المتوقع أن يرتفع الى 1,9% هذه السنة و2,3% السنة المقبلة. كما باتت اليونان تسجل فائضا في الميزانية بنسبة 0,8% بعد عجز بلغ 15,1% عام 2009.