ارشيفية
دعوات في ألمانيا لطرد السفير الأميركي
طالبت الأحزاب اليسارية الألمانية الثلاثاء بطرد السفير الأميركي الجديد في برلين ريتشارد غرينيل المقرب من الرئيس دونالد ترمب، متهمين اياه بالتدخل في شؤون البلاد الداخلية والتسبب بتفاقم التوتر في العلاقات الثنائية.
تولى غرينيل منصبه الدبلوماسي الجديد في برلين في التاسع من أيار حيث أثار الغضب مباشرة عندما قال عبر "تويتر" في اليوم ذاته إن على الشركات الألمانية وقف التعامل مع ايران بالتزامن مع إعلان ترمب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع الجمهورية الإسلامية.
وأثار المزيد من الغضب في نهاية الأسبوع جراء تصريحات أدلى بها لموقع "برايتبارت" اليميني المتشدد تحدث فيها عن أمله في "تمكين محافظين آخرين في انحاء أوروبا".
وأثار الدهشة كذلك بخطته استضافة المستشار المحافظ المتشدد سيباستيان كورز الذي يصفه المبعوث الأميركي بـ"النجم" على الغداء في 13 حزيران.
وقال الزعيم السابق للحزب الاشتراكي الديموقراطي والبرلمان الأوروبي مارتن شولز لوكالة "دي بي ايه" الألمانية إن "ما يقوم به هذا الرجل غير مسبوق في الدبلوماسية الدولية".
وأضاف "لو أن سفيرا ألمانيا قال في واشنطن إنه هناك لتمكين الديموقراطيين لكان طُرِد فورا. آمل بأن تؤدي زيارة كورز إلى تقليل مدة عهد السيد غرينيل كسفير في ألمانيا" منوها بذلك إلى كلمة "كورز" التي تعني "قصير" باللغة الألمانية.
وقال شولز في وقت سابق إن المندوب الأميركي لم يتصرف كدبلوماسي بل "كضابط استعماري يميني متشدد".
من جهتها، تسعى وزارة الخارجية الالمانية للحصول على توضيحات من غرينيل بشأن تصريحاته حيث سيتم التطرق إلى المسألة خلال اجتماع مرتقب الاربعاء بين المبعوث الأميركي والمسؤول الألماني الرفيع اندرياس ميكاليس.
وقال وزير الخارجية هايكو ماس "ستكون هناك بالتأكيد أمور كثيرة ينبغي مناقشتها ولهذا من الجيد أن السفير سيكون ضيف وزير الدولة ميكاليس".
- مقابلة "فظيعة" -
لكن زعيمة حزب المعارضة اليساري المتشدد "لينكي" سارا فاكنكنيخت قالت إن غرينيل اثبت أنه شخص غير مؤهل ليكون سفيراً.
وقالت لصحيفة "دي فيلت" "لا يمكن لشخص مثل السفير الأميركي ريتشارد غرينيل الذي يعتقد أن بإمكانه الهيمنة على أوروبا وتحديد من سيحكم فيها أن يبقى في ألمانيا كدبلوماسي".
وأضافت "اذا كانت الحكومة تأخذ سيادة بلادنا الديموقراطية على محمل الجد، فلا يتعين عليها الاكتفاء بدعوة غرينيل للحديث على فنجان قهوة، بل طرده مباشرة".
وعارض اعضاء مجلس الشيوخ المناهضين لتغريداته التي يعتقد أنها مهينة بحق النساء في حقل السياسة ورفضه الواضح لأخذ الادعاءات بشأن التدخل الروسي في الانتخابات الأميركية على محمل الجد تعيين غرينيل المؤيد لشعار ترمب "أميركا أولا".
ويأتي الجدل بشأن غرينيل في وقت تشهد العلاقات بين ألمانيا والولايات المتحدة توترا بعدما أعلن ترمب انسحاب بلاده من الاتفاق النووي الايراني وفرضه رسوما جمركية عقابية على الألمنيوم والحديد الصلب الأوروبيين.
وسلطت المستشارة الألمانية انغيلا ميركل الأضواء على العلاقات المتوترة عبر الأطلسي مع تحذيرها بأنه لا يمكن لأوروبا الاعتماد على الولايات المتحدة لحمايتها مؤكدة أن على القارة "تولي مصيرها بيديها".
وحتى في الولايات المتحدة، أعرب السياسيون عن قلقهم من تصريحات غرينيل.
وقال السناتور الديموقراطي كريس مورفي عبر "تويتر" إن مقابلة المندوب مع "برايتبارت" كانت "فظيعة -- لا يفترض أن +يمكّن+ السفراء أي حزب سياسي في الخارج".
- "لماذا تم تعيينه كسفير؟" -
وقال المتحدث المسؤول عن الشؤون الخارجية في تكتل ميركل اليميني الوسطي يورغن هارت، إن غرينيل يسعى ببساطة إلى إضعاف الاتحاد الأوروبي.
وقال لشبكة "اتش ار-انفو" إن الولايات المتحدة تريد منع "الاتحاد الأوروبي من الاندماج بشكل أكبر ومن التحول إلى قوة سياسية واقتصادية أقوى".
ورغم انتماء ميركل نفسها إلى المعسكر المحافظ، إلا أن المعلقين أشاروا إلى أنه من الواضح أن غرينيل لم يكن يسعى إلى تعزيز قاعدة حزب المستشارة بل خصومها من اليمين المتشدد.
واعتبرت صحيفة "برلينر زايتونغ" أنه "أمر سيء بما فيه الكفاية أن يفكر في ذلك، فكيف وقد صرح به".
وانخرطت وسائل الإعلام خارج ألمانيا كذلك في النقاش حيث قالت الكاتبة لدى صحيفة "واشنطن بوست" آن آبلباوم أن غرينيل هدف بوضوح إلى دعم القوى "المنغلقة والمؤيدة لروسيا والمعارضة للتعددية" في أوروبا.
ورأت أن السفير استكمل مهمته إذا كان أوفد إلى ألمانيا بهدف زعزعة ائتلاف ميركل أو الحلف الأطلسي "لكن إن لم تكن هذه الأوامر الصادرة إليه (...) فهناك مجموعة مختلفة من الاسئلة التي يجب طرحها".
وقالت "لماذا يعطي السفير الأميركي في ألمانيا مقابلة لـ"برايتبارت"؟ لماذا ينخرط في سياسات حزبية؟ ولماذا أصلا يتم تعيينه كسفير أميركي؟"
من جهتها، حثت "ذي فاينانشال تايمز" برلين على الرد على "سلوك (غرينيل) غير الدبلوماسي" عبر التمسك بموقفها من خلال الالتزام بالاتفاق النووي الايراني والرد بحزم على الرسوم الأميركية وزيادة مسؤولياتها الدفاعية.