تعبيرية
لماذا احتل الأردن مرتبة ١٣٥ بالفجوة بين الرجال والنساء؟
صدر مؤخراً عن المنتدى الاقتصادي العالمي مؤشر الفجوة الجندرية للعام ٢٠١٧ الذي يتم إصداره سنوياً، والذي يقيس الفجوة بين الرجال والنساء في ١٤٤ دولة في العالم عبر أربعة محاور رئيسية: الصحة والتعليم والمشاركة والفرص الاقتصادية والتمكين السياسي.
ويهدف المؤشر إلى إعطاء مرجع شامل ومتسق لمراقبة المساواة أو الفجوة بين الجنسين في أي دولة، كما يتيح المجال للمقارنة مع أفضل الدول، علّها تكون مثالاً يحتذى به للدول التي تحتل أدنى المراتب، وللأسف فإن الأردن بينها، حيث احتلت المرتبة ١٣٥ من ١٤٤ وبتقييم ٠.٦ من ١. حيث ان المؤشر يقيس الدرجة من ٠-١ وتعني الدرجة ١ المساواة التامة وانعدام الفجوة بين الجنسين في حين ان الدرجة ٠ تعني عدم المساواة وأن الفجوة شاسعة.
المتمعن في أسباب تبوّء الأردن لهذه المرتبة يرى بوضوح أنه وبالرغم من اقتراب الأردن من إغلاق الفجوة الجندرية في محور التعليم والصحة (لا بل أغلقها وأصبح هناك فجوة عكسية، أي أن حال الإناث أفضل من الذكور في بعض المؤشرات الفرعية) إلا أنه مازال هناك فجوة بين الإناث والذكور في المشاركة والفرص الاقتصادية والتمكين السياسي.
فاحتلت الأردن المرتبة ١٣٨ من ١٤٤ دولة في المشاركة والفرص الاقتصادية للإناث وتفوقت فقط على الهند وإيران واليمن وباكستان والسعودية وسوريا، أما باقي دول العالم فتفوقت علينا جميعها في هذا المؤشر الفرعي وكان أداؤها أفضل في إغلاق الفجوة ما بين الجنسين في المشاركة والفرص الاقتصادية للإناث. واحتلت بروندي وباربادوس والباهاما وبنين وبيلاروس وبوتسوانا ورواندا والنرويج وناميبيا وغينيا المراتب العشرة الأولى. أي أن لا علاقة لذلك بالتقدم الاقتصادي في الدولة.
إلا أن المؤشر لم ينصف الأردن ولم ينصف الإناث فيه؛ فبالرغم من أننا لا ننكر انخفاض المشاركة والفرص الاقتصادية للإناث في الأردن، إلا أنها ليست بالسوء الذي ظهرت عليه في مؤشر الفجوة الجندرية. فمؤشر المشاركة والفرص الاقتصادية يتألف من ٥ مؤشرات فرعية وهي:
الأول-مشاركة المرأة في سوق العمل: اعتبر المؤشر ان النسبة هي ١٥.٣% للإناث وعليه كان ترتيب الأردن ١٤٢ من ١٤٤ دولة ولم يأتي بعد الأردن إلا إيران وسوريا.
الثاني-المساواة في الأجور: احتلت الأردن المرتبة ٧٧ من ١٤٤ دولة وكانت نسبة أجور الاناث للرجال ٦٣% وهنا كان ترتيب الأردن متوسطاً لدول العالم.
الثالث-مؤشر دخل الاناث والفجوة بينهن وبين الذكور: حيث تم تقدير دخل الأنثى بـ ٢,٥١٦ دولار سنوياً بينما تم تقدير دخل الرجل بـ ١٥,٤١٧ دولار سنوياً، وهنا كانت الفجوة كبيرة جداً واحتلت الأردن المرتبة ١٤٢ من ١٤٤ في العالم، وهي من أدنى المراتب.
المؤشر الرابع-عدد الاناث "المشرعون" وفي وظائف الإدارة العليا بالنسبة للذكور: وهنا لا يوجد تقييم للأردن على هذا المؤشر، وهذا يعني استثناءه من حساب المؤشر الكلي، وكأنه لا توجد معلومات لهذا المؤشر بالرغم من ان أرقام دائرة الإحصاءات العامة تشير وبوضوح إلى أن هناك ٤٦ انثى مقابل كل ٥٤ ذكر يتبوؤون هذه المناصب، ولذلك فإن هذا التقييم كان مجحفاً بحق الأردن وأدى الى انخفاض مرتبته وتقييمه على مؤشر الفجوة الجندرية. وعندما قام منتدى الاستراتيجيات الاردني باعتماد أرقام دائرة الاحصاءات العامة واحتسب القيمة الفعلية لهذا المؤشر الفرعي كانت النتيجة ٠.٨٢٥، وهي قيمة جيدة.
المؤشر الخامس-وهو عدد الإناث من المختصين والفنيين بالنسبة لما يقابلهن من الذكور: هنا ايضاً لا يوجد تقييم للأردن على هذا المؤشر الفرعي، وهذا يعني استثناءه من حساب المؤشر الكلي، وكأنه لا توجد معلومات لهذا المؤشر، بالرغم من ان أرقام دائرة الإحصاءات العامة تشير وبوضوح إلى أن هناك ٧٠ أنثى مقابل كل ١٢٩ ذكر يعملون في هذه التخصصات، وعندما قام منتدى الاستراتيجيات الاردني باعتماد أرقام دائرة الاحصاءات العامة واحتسب القيمة الفعلية لهذا المؤشر الفرعي كانت النتيجة ٠.٥٤٣.
ومن الجدير بالذكر أنه عند إعادة احتساب منتدى الاستراتيجيات الاردني لمرتبة الأردن وباستخدام المنهجية التي يتبعها المنتدى الاقتصادي العالمي، يصبح ترتيب الاردن على مؤشر المشاركة والفرص الاقتصادية ١٢٩ بدلا من ١٣٨، كما ويصبح الترتيب الكلي للأردن وعلى مؤشر الفجوة الجندرية العالمي ١٢٩ بدلا من ١٣٥.
واضح بأن هناك اجحافاً في تقييم مرتبة الأردن على المؤشر الفرعي "المشاركة والفرص الاقتصادية"، وان مرتبتنا يجب أن تكون أفضل مما هي عليه. الا أننا نعي أيضاً أنه وبعكس مرتبتنا الفعلية ما نزال في المراتب الدنيا سواءً على المؤشر الفرعي أو المؤشر الكلي للفجوة الجندرية وعلينا بذل جهود حثيثة من أجل رأب هذه الفجوة من خلال مضاعفة المساعي لتحسين مشاركة المرأة الاقتصادية ورأب الفجوة في الأجور وزيادة تمثيل المرأة في المناصب العليا والمناصب التشريعية.
أما على المؤشر الفرعي للتمكين السياسي فمرتبة الأردن لا تسر أيضاً، فقد احتل الأردن المرتبة ١٢٦ من ١٤٤ في هذا المؤشر والذي يقيس عدد الإناث من الوزراء بالنسبة للذكور وكان ٢ إلى ٢٧، وعدد الإناث في مجلس النواب حيث كان ٢٠ من ١٣٠، وعدد السنوات التي تبوأت فيها سيدة منصب رئيس الوزراء وكان صفر، وللأسف فقد أخفقنا في إقفال الفجوة وكنا بعيدين عن إقفالها في جميع هذه الأمور.
دعونا نستخدم هذا المؤشر بحذر وأن نسعى أولا لتصحيح الخطأ الوارد فيه، ومن ثم علينا أن نمحص وندقق في هذه المؤشرات لنجعل منها حافزاً لا محبطاً لنا، لنرقى بمستوى الاناث في أردننا، وللرفع من شأن وأهمية المرأة في رفعة اقتصادنا الأردني.