الصورة تعبيرية
سؤال فضولي.. لماذا لا تستطيع القردة التحدث؟
منذ عقود مضت، بينما كان فيليب ليبرمان يمكث في حوض الاستحمام مستمعاً إلى الراديو، سمع عالم الأنثروبولوجي لورين إيسلي يفكر في لغز تطوري: لماذا لا يمكن للقرود التحدث؟ مثلنا، هم بالتأكيد رئيسيات "رتبة من طائفة الثدييات" اجتماعية، أذكياء و تحديداً ليسوا هادئين. فمكاك ريسوس أو كما يسمي الريس، يهمهم، ويهدل كالحمام، يصيح ويصرخ أحياناً.
صغار المكاك يصدرون أصواتاً تعرف بـ جيكيرس، ومع ذلك فلا الهمهمة ولا الـ "جيكيرس" ولا أي من أنواع القرود الأخرى - ولا حتى الشمبانزي والبونوبوس والذين يُعدان أقرب القرود تشابهاً معنا- يمكنهم نطق الحروف المتحركة أو الساكنة أو كما نسميه التحدث.
ووجد العلماء أن هناك نقطتين محتملتين، وهما إما أن يكون دماغ الرئيسيات غير البشرية غير متصل للحديث بالطريقة الصحيحة، أو أن قصباتهم الهوائية شُكلت بطريقة خاطئة.
ليبرمان الآن أستاذ فخري في الأنثروبولوجيا والعلوم المعرفية واللغوية في جامعة براون في رود آيلاند، كان قد خرج من حوض الاستحمام وأخذ اللغز معه.
في واحدة من التجارب الرائدة مع قرد مكاك ريسوس في أواخر الستينيات وبداية السبعينيات من القرن الماضي، ليبرمان وزملائه استطاعوا ربط المشكلة بحلق القرود. وخلصوا أن قرود المكاك تفتقر إلى المسالك الصوتية الكافية فوق البلعوم، وأيضا الفراغ الموجود لدى البشر الذي يبدأ من الفم ويتبع سنام اللسان حتى الحلق. وبذلك حتى لو توفر في أدمغة القرود الاتصالات الصحيحة للحديث، فإن المسالك الصوتية للقرود لن تكون قادرة على إصدار أصوات كافية للحديث، بحسب صحيفة Washingtonpost.
هذ التوضيح للمسالك الصوتية أخذ ينتشر حتى ظهر في الكتب المدرسية وكتب الفكاهة العلمية. وصرح وليام تيكومسيه فيتش وهو أستاذ علم الأحياء المعرفية في جامعة فيينا عبر رسالة إلكترونية "بين الخبراء في علم تطور الكلام كانت هذه الفكرة شائعة ولكنها لم تكن منتشرة، ولكن بين علماء الأحياء والأنثروبولوجيا والنفس كانت ولا تزال منتشرة على نطاق واسع جداً".
في الآونة الأخيرة، بدا وكأنه سؤال غريب الأطوار - لماذا لا يمكن للقرود الحديث؟ - ثم تحول إلى نقاش جاد وحاد بين المتعاونين السابقين. ففي ديسمبر/ كانون الأول، نشر فيتش وزملاؤه ورقة بحثية في مجلة العلوم الحديثة في هجوم مضاد تحت عنوان "الأحبال الصوتية للقرود جاهزة للحديث". يوم الجمعة نُشر تقريرين في نفس المجلة الحديثة تحولا الى مباراة من ثلاث او أربع جولات، وذلك برد ليبرمان الذي تبعه رد آخر على رده من فيتش وبقية الكُتّاب في دراسة ديسمبر/ كانون الأول.