الصورة تعبيرية
إلزام 'مقدمي الخدمات' التبليغ عن العنف الأسري وإلا الحبس أو الغرامة
وافقت الحكومة الأردنية على تعريف العنف الأسري أنه "الجرائم الواقعة على الأشخاص التي يرتكبها أحد أفراد الأسرة في مواجهة أي من أفرادها".
وأقرت الحكومة الأردنية تعديل القانون رقم (١٥) لعام ٢٠١٧ "قانون الحماية من العنف الأسري"، والذي دخل حيز التنفيذ بعد نشره في الجريدة الرسمية.
وحسب القانون الجديد يعاقَب مرتكبي العنف الأسري، بإجبارهم على الخدمة المجتمعية، مثل خدمة للمنفعة العامة لمدة لا تزيد على ٤٠ ساعة عمل في مرفق عام، وحظر ارتياده أي مكان أو محل لمدة لا تزيد على ٦ أشهر كالأماكن العامة، إضافة إلأى إلحاق أطراف النزاع ببرامج تأهيل نفسي أو اجتماعي.
ويقصد القانون بأفراد الأسرة على أنهم الزوج والزوجة، والأقارب بالنسب حتى الدرجة الثالثة، والأقارب بالمصاهرة حتى الدرجة الثانية، والأقارب بالنسب من الدرجة الرابعة والقارب بالمصاهرة من الدرجتين الثالثة والرابعة شريطة الإقامة في البيت الأسري، والطفل المشمول بحضانة شخص طبيعي أو أسرة بديلة وفقاً لأحكام التشريعات النافذة.
وفرض القانون الجديد على مقدمي الخدمات الصحية أو التعليمية أو الاجتماعية في القطاعين العام والخاص، إلزامية التبليغ عن أي حالة عنف أسري واقعة على فاقد الأهلية أو ناقصها حال علمه أو إبلاغه بها، كذلك التبليغ عن الجنايات إذا كان المتضرر كامل الأهلية، في حين يكون التبليغ بموافقة المتضرر كامل الأهلية إذا كان الفعل يشكل جنحة.
وإذا خالف مرتكب العنف، أي من إلزامات المحكمة، يعاقب بالحبس لمدة لا تزيد على على شهر و/أو بغرامة ١٠٠ دينار، وفقا للقانون.
وفي حال اقترنت مخالفة أمر المحكمة، باستخدام العنف في مواجهة أي من المشمولين بالحماية، يعاقب المرتكب بالحبس مدة لا تزيد على على ٣ أشهر و/أو بغرامة لا تزيد على ٢٠٠ دينار، فيما إذا تكررت المخالفة لأكثر من مرتين، يعاقب المرتكب بالحبس مدة لا تزيد على ٣ أشهر و/أو بغرامة لا تزيد على ١٠٠ دينار.
ويطلب القانون، من مقدمي الخدمات الصحية والاجتماعية والتعليمية، الإبلاغ عن حالة العنف الأسري، الواقعة على فاقد أو ناقص الأهلية.
ويكون التبليغ، وفقا للقانون، بموافقة المتضرر إذا كان كامل الأهلية، وكان الفعل الواقع عليه يشكل جنحة.
ويعاقب القانون كل من مقدمي الخدمات "في القطاع العام والخاص" في حال عدم تبليغهم عن حالة عنف أسري على فاقد أو ناقص الأهلية، بالحبس مدة لا تزيد على أسبوع و/أو بغرامة لا تزيد على ٥٠ دينارا.
حقوقيون يرحبون
قوبل القانون الجديد بترحيبات من الحقوقيين، إذ قالت الناشطة الحقوقية في مجال حقوق الإنسان المحامية رحاب القدومي لـ"رؤيا"، إن قانون العقوبات على أي نوع من أنواع العنف الجسدي يتم المعاقبة عليه من قبل الجهات المختصة.
وأوضحت أن الإيذاء سواء الجسدي أو اللفظي أو حتى الجنسي، دائما ما يحتاج شكوى لتحريكها وتحصيل نتيجة، وعقوبة لمرتكبها ثم تطبيق مبدأ فعال لقانون حماية الأسرة.
ونوّهت القدومي أن مشكلة العنف الأسري بدأت بازدياد في الآونة الأخيرة، الأمر الذي استدعى تعديل على القانون وتطبيقه على أرض الواقع، مبينة ضرورة قياس مدى نجاح القانون الجديد ودراسة نتائجة.
ومن جانبها رحبت جمعية معهد تضامن النساء "تضامن" بصدور القانون على الرغم من وجود ملاحظات لها على بعض نصوصه، وتشير الى أن الحاجة ملحة في الوقت الحالي للتوعية بنصوص القانون بين أفراد المجتمع عامة وأفراد الأسرة وبشكل خاص النساء وكبار السن والأطفال، وتدريب الجهات ذات العلاقة من محامين وقضاة وضابطة عدلية وغيرها من المؤسسات الحكومية وغير الحكومية على أليات العمل بالقانون.
وأشارت تضامن إلى أن تشديد العقوبات على مرتكبي الجرائم ضد النساء والفتيات والطفلات وكبار السن، وضمان عدم إفلاتهم من العقاب، لن يكون كافياً لوحده للحد و/أو منه هكذا جرائم ما لم تتخذ إجراءات وقائية تمنع حدوث الجرائم وعلى كافة المستويات بدءاً من الأسرة ومحيطها.
وقالت إن الحماية من العنف وأشد أنواع العنف قساوة ألا وهو القتل، تتطلب إجراءات وقائية تعالج الشكاوى الواردة لمختلف الجهات المعنية وتأخذها على محمل الجد، وإن إقرار قانون الحماية من العنف الأسري سيساهم في الحد من هذه الجرائم.
ودعت تضامن الى تكثيف العمل على برامج إرشاد ومساعدة إجتماعية وصحية وقانونية، مع التركيز على الجانب النفسي الذي لم يأخذ الإهتمام اللازم بإعتباره مؤشراً هاماً من مؤشرات إحتمالية إستخدام الفرد للعنف بكافة أشكاله وأساليبه. وتطالب "تضامن" بتوفير برامج الإرشاد والعلاج النفسي مجاناً وفي جميع محافظات المملكة.
وبينت أنه لا بد من تفعيل أنماط التحكيم الإجتماعي كبرامج التوفيق العائلي والوساطة الأسرية لحل الأزمات والمشكلات العائلية قبل وقوع الجرائم والتي لها دور هام وحاسم في منع العنف ضمن إطار الوقاية، وعدم الإنتظار لحين وقوع الجرائم لكي تبدأ الوساطة والإجراءات الصلحية والعشائرية.
قانون شامل للأسرة
ترسخ مفهوم العنف ضد المرأة ضمن نطاق التعنيف الأسري في المجتمع الأردني، الأمر الذي لا يعكس الحقيقة بشكل مطلق.
وأوضحت الحقوقية رحاب القدومي، أن المرأة ليست الفرد الوحيد المعنف، بل من الممكن أن تعكس الأدوار في كيفية التعنيف، بحيث تعنف المرأة زوجها، أو يعنف الوالد ولده، أو شابا يعنف والدته.
وبينت أن هناك بعض الحالات يقوم فيها الوالد بضرب طفله ضربا مبرحا بطريقة تفضي إلى الموت قائلا: "ابني وبدي أربيه"، ويأتي بنظرة الملكية للطفل، وتحويله إلى شيء مملوك، مشيرة إلى أن هنالك ما يسمى بضروب التأديب المتعارف عليها وفق العرف، وأن غير ذلك يعد جريمة يعاقب عليها القانون.
وفي هذا الإطار ألزم القانون كل من يرتكب عنفا أسريا بـ"عدم التعرض للمتضرر أو "أي من أفراد الاسرة" أو التحريض على التعرض لهما، وعدم الاقتراب من المكان الذي يقيم فيه المتضرر أو أي من أفراد الاسرة، وعدم الإضرار بالممتلكات الشخصية او أي من افراد الاسرة، وتمكين المتضرر او أي من أفراد الأسرة او المفوض عن أي منهما دخول البيت الاسري بوجود احد افراد ادارة حماية الاسرة لأخذ ممتلكاته الشخصية وتسليمها لصاحب العلاقة بموجب ضبط بتسليمها.
وكانت مناقشات إقرار القانون تضمنت جدلا كبيرا بين النواب بين مؤيد للقانون باعتباره وسيلة وقائية لتعزيز تماسك الاسرة الاردنية، ورافضين له باعتباره لا يتوافق مع قيم العائلة الاردنية.