ملف الأسبوع :اللحوم الحمراء والبيضاء .. الحقيقة الكاملة
أن يرتفع الطلب على اللحوم، الحمراء منها والبيضاء، بسبب الارتفاع المتزايد في عدد اللاجئين، فينخفض معدل الاكتفاء الذاتي منها، فيزداد الاستيراد، والانتاج المحلي، لتعويض العجز، فهذا أمر طبيعي، لكن أن يزداد الطلب، وتنخفض الأسعار في الآن عينه، فهذا أمر يحتاج إلى أكثر من تأمل، وإلى أكثر من وصفات تقليدية.
منتسبو القطاع تكيفوا بسرعة مع استحقاقات الارتفاع المطرد في الطلب على اللحوم، فدخل مستثمرون جدد، بيد أن الأهم من ذلك أن نسبة مرتفعة من مربي الماشية والدجاج اللاحم طوروا من أعمالهم، وأدخلوا تحسينات بارزة على مزارعهم، ما رفع من انتاجية قطعانهم بشكل ملحوظ.
مربو الماشية يعتقدون أن وزارة الزراعة أغرقت الأسواق باللحوم المستوردة، بذريعة ارتفاع الطلب على اللحوم الحمراء، فانخفضت أسعار اللحوم البلدية، غير أن الوزارة ترى خلاف ذلك.
مستوردو اللحوم الحمراء يتفقون مع وزارة الزراعة بشأن تفسيرهم لانخفاض أسعار اللحوم.
مشاكل مربي الماشية لا تتوقف على أسعار اللحوم البلدية المنخفضة، فمشكلة الأعلاف المزمنة ما زالت تقض مضاجعهم، وتدفع بعضهم من حين إلى آخر للخروج من دورة الانتاج، لكن ما زاد في طينهم في هذا الشأن بلة، أنهم باتوا اليوم يشترون الشعير من السوق بأسعار أقل من الأسعار المدعومة، ما يطرح سؤالًا ملحًا: أين هو الدعم الحكومي؟
لوزارة الزراعة تبرير لارتفاع أسعار الشعير المدعومة عن أسعاره في الأسواق.
مربو الدجاج اللاحم اختلفوا في الفترة الأخيرة مع وزارة الزراعة حول أسعار الدجاج، كل طرف يحمل الآخر مسؤولية تدهور الأسعار إلى مستوى غير مسبوق، ما دفع لعقد اجتماع مشترك قبل أيام، فهل اتفقوا على حلٍ للمشكلة؟
مربو الدجاج اللاحم يعتقدون أن من شأن استمرار وضع الأسعار على ما هو عليها الآن تدمير القطاع، ودفع جزءًا من العاملين فيه لنقل أعمالهم إلى قطاع آخر.
يستطيع المراقب المحايد اكتشاف مقدار ما حقق القطاع من تطورات نوعية، خاصة قطاع تربية الدجاج، والاقتراب من الوصول إلى شبه اكتفاء ذاتي من اللحوم البيضاء، ومع أن نعدل الاكتفاء الذاتي انحدر قليلًا، إلا أن مربي الدواجن يصرون على إطلاق تعبير "صناعة الدجاج اللاحم" على قطاعهم، بسبب نقلته النوعية خلال السنوات القليلة الماضية، ومع ذلك فإن القطاع أمسى اليوم يحتاج إلى جملة من الترتيبات، تعتمد بالأساس على وزارة الزراعة.
عودة على بدء، معدلات الاكتفاء الذاتي من اللحوم تتفاوت من جهة إلى أخرى، فلدائرة الإحصاءات العامة بياناتها الخاصة، وهي المعتمدة رسميًا، غير وزارة الزراعة ما زالت تتحدث عن بيانات، أصبحت من الماضي، وللقطاع الخاص بياناته الخاصة.
قطاع تربية الماشية والدجاج اللاحم، قطاع مهم، لجهة أن كل أسرة أردنية غير قادرة على الاستغناء عن أكل اللحوم الحمراء أو البيضاء، للحصول على احتياجات أفرادها من البروتين، بيد أن القطاع يعاني من اختلالات، يعتقد منتسبوه أن معالجتها لا تحتاج إلى أكثر من تداخلات حكومية حاسمة، فهلا تحركت وزارة الزراعة، ليشهد القطاع قريبًا إجراءات تعالج معضلاته المستعصية؟