التغريرِ بالناس باستخدامِ السحر ‏والشعوذة.. فيديو

لمّا يدلهم الظلام، وبالكاد يستطيع المرء رؤية ما حوله، تتوه البوصلة، ويغدو مَثَلُ الباحث عن يقين، مَثَلُ شاعر قال:

إن حظي كدقيق قمح فوق شوك نثروه ثم قالوا لحفاة يوم ريح اجمعوه

ومَثَلُ باحث عن علاج لمرض عضال ألّمَ به، أو حالة نفسية أطبقت عليه، فلَا يجده، أو لا يقدر على دفع ثمنه، فيلجأ إلى المشعوذين، مَثَلُ من يواجه اعتباط الطبيعة بالسحر والخزعبلات.

خفافيش الظلام لا تنشط إلا عند غياب البدر، ولأن المرضى كثر، فإن بعضهم، لأسباب ذاتية وأخرى موضوعية، وجد ضالته في برامج وإعلانات غزت فضائيات عربية، تبث على مدار الساعة ما يفعله مشعوذون من معجزات زائفة.

الشيخ الفلاني يعيد المطلقة خلال ساعة، وآخر يشفي السرطان في جلسة علاج واحدة، وثالث يشفي أمراض نفسية مستعصية، يدّعون صنع المعجزات، ويغرون الناس بأساليب شتى.

ما هي الحكاية؟ وكيف انتشر هؤلاء بهذه السرعة؟ وهل لما يجري في المنطقة من أحداث جسام دور في تكاثر هؤلاء الدجالين بمتوالية هندسية لا يبدو أن لها نهاية؟

حكايات كثيرة لأناس تعلقوا بأوهام الشفاء عن طريق السحر والشعوذة، غير أن قلة منهم تعترف أنها وقعت ضحية لعمليات احتيال موصوفة، ناهيك عن اعتداءات تعرض لها مرضى ذهبوا إلى المشعوذين باحثين عن علاج، فاعتدي عليهم.

هل ترتكب الفضائيات التي تبث مثل هذه الشعوذات مخالفات، يعاقب عليها القانون؟

إذًا لماذا لا تتحرك الجهات المعنية في الدول العربية وتضع حدًا لهذه البرامج والإعلانات المنافية لكل المعايير الأخلاقية والمهنية؟

ظاهرة العلاج بالسحر والشعوذة على بعض الفضائيات، لا تنطوي فقط على ما يتعرض له المرضى من اخطار، بل يتعدى ذلك إلى تسربل هؤلاء المشعوذون بالدين، واستغلالهم إيمان الناس الفطري لمراكمة ثرواتهم.

السحر والشعوذة على الفضائيات يغيبا العقل، ويشيع الجهل والتخلف، لكن؛ ما رأي الدين في كل ذلك؟

السحر والشعوذة ينتشران بشكل فج على الفضائيات، ولا أحد يحرك ساكنًا، فهل بتنا اليوم بلا جهاز مناعة يحمينا من المتاجرين بأمراض الناس وآلامهم؟ أم أن هذه طبائع الأمور؟ أسئلة ملحة برسم الجميع .. إعلاميين ورجال فكر وقانون.

عشرات الفضائيات تبث على مدار الساعة برامج وإعلانات متخمة بمفردات السحر والشعوذة والخزعبلات، تخاطب غرائز باحثين عن حلول لمشاكل مستعصية، أقضت مضاجعهم، بعد أن عجزوا عن التعاطي معها بواقعية.

التغرير بالناس، واستغلال حاجاتهم، وبيعهم الوهم المعلب في قوالب معدة بإتقان، هي أبرز ما يميز منتجات هذه الفضائيات من برامج وإعلانات عن السحر والشعوذة، ماهية هذه الفضائيات، ومدى التزامها بمواثيق الشرف، والقوانين الناظمة في الوطن العربي، كل ذلك نناقشه اليوم في ملف الأسبوع.