ملف الأسبوع: وادي عبدون بين الإستملاكِ للنفعِ العام والبيعِ لغاياتِ الإستثمار

الأردن
نشر: 2016-10-21 20:08 آخر تحديث: 2023-06-18 15:26
تحرير: محمد ابوعريضة
وداي عبدون
وداي عبدون

لم يستطع السبعيني عبدالحميد عواد الابتعاد كثيرًا عن حي القيسية بوادي عبدون، فقد ظل يردد:

 

كم منزل في الأرض يألفه الفتى      وحنينه أبدًا لأول منزل

 

لكن المنزل الأول بات اليوم من الماضي، بعد أن احتل الشارع العريض المكان، لكنه حينما أتيحت له فرصة العودة إلى الحي، لم يتردد وعاد مسرعًا.

 

ما أن استقر عواد في المنزل، حتى بادر وأقنع شقيقه الوحيد بالانضمام إليه، فعاد إلى وادي عبدون مسرعًا، كأن حبيبته في الانتظار، فالحي على حد وصفه أجمل مكان، لا يضاهيه إلا الخيال.


ما هي حكاية حي القيسية بوادي عبدون؟ وكيف شتتت احتياجات التوسع بطرق المدينة أسرًا كثيرة، عاشت عقودًا في الحي الدافيء.


لم يتردد الأهالي في تلبية احتياجات مدينهم، وقبلوا بتعويضات متواضعة عن منازلهم، صحيح أن بعضهم رفض قيمة التعويضات المعروضة، ولجأ للقضاء، وحصل جزء منهم على تعويضات مناسبة، وجزء ما زال في الانتظار، غير أن الأول والثاني والثالث ما انفكوا يفتقدون شغف الماضي، وذكرياتهم الحميمية.


ما زاد في سخط الأهالي، ودفع مشاعرهم تجاه ما حدث معهم ومع حيهم إلى مناطق جد مؤلمة، أنهم علموا عن رغبة أمانة عمان الكبرى ببيع ما تبقى من آراضيهم المستملكة إلى مستثمرين، ويتساءلون: ما دامت صفة النفع العام قد انتفت، فلم لا يعودون إلى أراضيهم؟


المتضررون من الأهالي ليسوا أولئك التي استملكت الأمانة أراضيهم فحسب، فالذين ما زالوا يقطنون في المكان، على الرغم من أن الطريق الجديدة رفعت من قيمة عقاراتهم، تضرر كل منهم بشكل مختلف.


ما هي حكاية أراضي وادي عبدون المستملكة؟ وهل ترغب أمانة عمان حقيقة في تغيير صفة النفع العام، وبيع أربعمئة وخمسين دونمًا إلى مستثمرين؟


حكومة الدكتور عبدالله النسور رفضت تغيير صفة النفع العام لأراضي وادي عبدون، خشية توسع الأمانة في هذا السياق، فلجأت الأمانة إلى المجلس الأعلى لتفسير القوانين، الذي أجاز لها ذلك، ما أتاح لها الفرصة لإعادة الكرة مع الحكومة الحالية.


قانونيون يرون في محاولات الأمانة تغيير صفة النفع العام غبن للأهالي، صحيح أنهم يقرون أن المادة الخامسة من قانون الاستملاك أجازت بشروط واضحة تغيير صفة الاستملاك، لكنهم يعتقدون أن هذه المادة تحتاج إلى إعادة نظر، لوجود شبهة بتناقضها مع نصوص الدستور.


ياسر البستنجي رحل عن حي القيسية منذ سنوات، وفارق بيته موجع القلب باكيًا، وهو يقطن اليوم في حي بعيد، غير أن هذا البعد لا يحول دون زيارة المكان الذي احتوت جنياته روحه أربعين عامًا، كلما سنحت له الفرصة بذلك، وما زاد من حيرته، وجعله لا يكاد يقضي يومًا من دون أن يحن إلى منزله الأول، أن الأمانة ستبيع أرض بيته إلى مستثمرين.


أراضي أهالي حي القيسية المستملكة تعود إلى الواجهة من جديد، بعد أن قررت أمانة عمان الكبرى بيعها إلى مستثمرين .. الأهالي أمسوا يشعرون اليوم أن كل السنين الماضية لم تنسهم بيوتهم ومراتع صباهم، وقبل كل ذلك ذكرياتهم الجميلة.

 

 

أخبار ذات صلة

newsletter