نيويورك تايمز: المفاوضات الأردنية الإسرائيلية حول الغاز بدأت منذ 2011

اقتصاد
نشر: 2014-12-15 23:45 آخر تحديث: 2016-08-06 02:10
نيويورك تايمز: المفاوضات الأردنية الإسرائيلية حول الغاز بدأت منذ 2011
نيويورك تايمز:  المفاوضات الأردنية الإسرائيلية حول الغاز بدأت منذ 2011

رؤيا - نيويورك تايمز – دقت أجراس الإنذار في أرجاء منصة تامار لاستخراج الغاز الطبيعي قبالة ساحل إسرائيل.
كانت البحرية الإسرائيلية قد رصدت علامات دخان على أن صاروخاً ربما تكون قد أطلقته حماس من شواطئ غزة. وبينما حذر صوت عبر مكبرات الصوت مطالباً الجنود بالاحتماء، تسابق الطاقم صاعدين الدرج المعدني إلى صالة ألعاب رياضية صغيرة تعمل كملجأ من الغارات الجوية أيضاً. ثم اتضح أن الإنذار كاذب.
يشكل الغاز الطبيعي أداة جيوسياسية بقدر ما يشكل هدفاً في إسرائيل على حد سواء، حيث تنطوي ثروة من الموارد المكتشفة حديثاً على إمكانية تحسين العلاقات مع مصر المتعطشة للطاقة، والأردن، وحتى السلطة الفلسطينية، بحسب تقرير نيوروك تايمز ونشرته يومية الغد .
لكن محور هذه الاندفاعة الدبلوماسية ليس مسؤولاً إسرائيلياً، ولا ملكاً شرق أوسطيا أو سفيرا أميركيا. إنه شركة بترول في تكساس.
وكانت شركة "نوبل للطاقة"، الشركة التي مقرها هيوستن والتي تدير منصة تمار وتعمل على تطوير حقل آخر في مكان قريب، قد أبرمت سلسلة من الصفقات في الأشهر الأخيرة لبيع الغاز من إسرائيل لجيرانها، وهي استراتيجية تصدير تشجعها إدارة أوباما للمساعدة في تخفيف حدة التوترات في المنطقة. وقد وقع كل من الأردن والسلطة الفلسطينية اتفاقات مبدئية في الأشهر الأخيرة، في حين تجري شركة نوبل محادثات لتزويد مصر بكميات أكبر من الغاز.
يشكل وجود صلة مشتركة أمراً بالغ الأهمية. وبوصفها المفاوض الرئيسي والوسيط، تقدم شركة نوبل الغطاء للقادة الذين قد يواجهون بخلاف ذلك ردود فعل سياسية سلبية على شراء إمدادات الغاز عبر صفقات مباشرة مع الحكومة الإسرائيلية.
يقول كارلوس بوسكوال، منسق الطاقة الدولي السابق في وزارة الخارجية الأميركية: "ما تبينه هذه الصفقات هو أن الغاز يمكن أن يكون أداة للشراكات التي تكون تجارية، وذات فوائد جيوسياسية إيجابية".
كانت شركة نوبل للطاقة، التي لها نكهة الاستكشاف المحفوف بالمخاطر في أماكن مثل جزر فوكلاند ونيكاراغوا، قد بدأت الاستكشاف هنا في أواخر التسعينيات. وتم بناء المنصة في شركة "كوربوس كريستي" في تكساس، ثم تم نقلها بواسطة قارب إلى موقعها الحالي.
ومعها، جاء قسم من ثقافة نفط خليج المكسيك أيضاً، حيث يقدم المطعم الروبيان المقلي و"دكتور بيبر". ويقوم مجموعة من مخضرمي الصناعة الأميركيين بمراقبة تدفقات الغاز ويدربون الفنيين الإسرائيليين.
تقول شركة نوبل، التي استملكت تطوير منصة تامار في السنة الماضية مقابل 3.5 مليار دولار، أنها وجدت أكثر من 800 مليون متر مكعب من الغاز قبالة الساحل الإسرائيلي. وسوف تكون المكتشفات كافية لتلبية الطلب الإسرائيلي الحالي لمدة قرن تقريباً، وبحيث تخفف إلى حد كبير حاجة البلد لأنواع الوقود.
تدرك "نوبل" الآن طبيعة محيطها. ويأتي نصف الطاقة الكهربائية لإسرائيل من الغاز الطبيعي الذي يتدفق عبر تامار، مما يجعل المنصة ومنشأة تكرير على الشاطئ نقطة إغراء للصواريخ القادمة من حماس أو من أعداء أبعد. ويشكل رجال الأمن نحو نصف الأفراد العاملين على منصة تامار.
يعترف مستشار الطاقة الإسرائيلي أميت مور بأن المنصة عبارة عن "بطة جالسة" سهلة الاصطياد. وبينما ينمو استهلاك الغاز في إسرائيل بسرعة، فإن السوق المحلية ليست كبيرة بما يكفي لتستوعب كافة إمكانيات حقل تامار، ناهيك عن تطوير حقل أكبر بكثير يدعى "ليفياثان". ولذلك ركزت "نوبل" وشركاؤها الإسرائيليون على مصر والأردن، باعتبارهما المكانين الأكثر قرباً، والأرخص كلفة للوصول، من أجل التصدير.
يقول بنيامين زامور، الرجل من أوكلاهوما الذي يقود عمليات "نوبل" هنا: "بعدما عرفنا أكثر عن السوق الإقليمية وحاجة جيران إسرائيل إلى الغاز، أصبح هذا نهجاً أكثر جاذبية".
عملت إدارة أوباما على دعم هذه الاستراتيجية بهدوء. وكما يراها المسؤولون الأميركيون، فإن روابط الطاقة يمكن أن تزيد من تقوية السلام الهش القائم بين إسرائيل وجيرانها، وربما تعرض لأوروبا مصدراً آخر للغاز من أجل تقليل اعتماديتها على روسيا.
يقول جدعون تادمور، رئيس شركة "ديليك للحفر"، شريكة شركة نوبل: "فيما يخص الطاقة، أنت تتحدث عن شيء أساسي ويهم حقاً". وبينما كانت علاقات الأردن مع إسرائيل متوترة مؤخراً، كان البلد زبوناً متقبلاً لأنه في حاجة ماسة إلى الغاز لتلبية حاجاته المتزايدة للطاقة. ومنذ العام 2011، انقطعت الإمدادات التي يحصل عليها الأردن من الغاز، شأنه شأن إسرائيل، عندما قام المتشددون في شبه جزيرة سيناء بمهاجمة خط أنابيب الغاز الرئيسي القادم من مصر بشكل متكرر.
وكانت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري رودهام كلينتون، قد تحدثت مع الأردن منذ العام 2011 حول الغاز الاسرائيلي. وقد اتصل عاموس جيه. هوتشستاين، دبلوماسي الطاقة الرفيع في وزارة الخارجية، مع شركة نوبل للطاقة في أوائل العام 2012 عن عقد صفقة مع الأردنيين، وفقاً لما أفاد به مسؤولون أميركيون على علم بذلك الاجتماع. وبدأت المفاوضات الرسمية، التي تضم المديرين التنفيذيين للشركة، بالإضافة إلى مسؤولين إسرائيليين وأردنيين وأميركيين، في تلك السنة.
لكن المحادثات امتدت على مدى سنتين، حيث قام المتفاوضون بجولات مكوكية بين فنادق البحر الميت في الأردن وفندق الهيلتون في محطة بادنغتون في لندن. وفي منطقة مليئة بالاضطرابات.
حاول المسؤولون الأميركيون تسهيل العملية، فقدموا التمويل اللازم لتدريب الأردنيين على تنظيم الغاز. ووجه السفير الأميركي إلى الأردن، ستيوارت جونز، الدعوة إلى المتفاوضين إلى مواصلة المفاوضات في سكنه ذي الجو المريح في عمان عندما كانت المحادثات تصبح متوترة في أماكن أخرى.
ساعدت "نوبل" في كسر الجمود عن طريق إبرام صفقة منفصلة مع اثنتين من شركات التعدين الأردنية، البوتاس العربية والبروم العربية. وسوف تشتري الشركتان ما يقدر بنحو 500 مليون دولار من الغاز على مدى 15 عاماً من تامار.
عبّد العقد الخاص الطريق أمام الحكومة الأردنية، التي أرادت إبرام صفقة سوف تكون مبرمة قانونياً مع شركة أميركية، بدلاً من إسرائيل. وبعد سبعة اشهر، وقعت "نوبل" اتفاقاً مبدئياً لبيع الغاز من حقل ليفياثان إلى الأردن من أجل الطاقة الكهربائية، والذي تقدر قيمته بنحو 12 مليار دولار.
على الرغم من فوائده، فإن مثل هذا الاتفاق سوف يواجه النقد على الأرجح عندما تتصاعد التوترات بين الجيران. وعلى سبيل المثال، تحرك جزء كبير من البرلمان الأردني في الأسبوع الماضي من أجل الحد من مشتريات الغاز الطبيعي الإسرائيلي. وحتى الآن، يبدو موقف الحكومة ثابتاً لا يلين فيما يتعلق برغبتها في شراء الغاز.
يشكل الأردن واحدة من آخر الصفقات من أجل حقل ليفياثان. وفي كانون الأول (يناير)، كانت شركة "نوبل" وشركاؤها الإسرائيليون قد توصلت إلى اتفاق لتزويد محطة لتوليد الطاقة الكهربائية تحت الإنشاء في الضفة الغربية، والتي تقوم ببنائها مجموعة فلسطينية.
يقول الخبراء في هذه الصناعة إن "نوبل" ستحتاج إلى التزامات ذات أجل زمني أبعد من أجل دعم تكاليف حقل ليفياثان. ويتوقع أن يكلف المشروع نحو 8 مليارات دولار، وسوف تشكل صفقة الأردن نحو 9 % فقط من الغاز.
تشكل مصر المستهلك الرئيسي الأكثر ترجيحاً، والتي تشكل سوقاً هائلة ونامية. واليوم، يجلس مرفقان لتصدير الغاز في البحر المتوسط شبه متعطلين وخاملين إلى حد كبير. وتقوم الحكومة المصرية بحظر الصادرات من أجل تلبية ارتفاع الطلب المحلي وتجنب انقطاعات الكهرباء.
هذا العام، توصلت "نوبل" إلى اتفاقيات غير ملزمة مع أصحاب كل من هذين المرفقين– شركة BG، المنتج البريطاني الكبير، ومشروع مشترك بين شركة إيني الإيطالية وشركة فينوسا الإسبانية للغاز الطبيعي- من أجل تزويد مرافقها في تامار وليفياثان. وكجزء من هذه الصفقات، فإن الغاز ربما يتدفق أيضاً إلى السوق المحلية في مصر.
تقول ليزلي بالتي-جوزمان، وهي محللة الطاقة والشؤون الجيوسياسية في مجموعة أوراسيا، وهي شركة استشارات للمخاطر السياسية ومقرها نيويورك: "مصر لديها أزمة حادة في الطاقة في الوقت الحالي، وهم في حاجة ماسة حقاً للغاز الإسرائيلي. لكن هناك أيضاً الكثير من المعارضة من الرأي العام".
المشاركون في المفاوضات المستمرة مع مصر، والتي عادة ما تعقد في لندن، يقولون إن العديد من التفاصيل تحتاج إلى العمل عليها. لكن رئيس مصر العسكري الجديد، عبد الفتاح السيسي، يميل إلى شراء الغاز الإسرائيلي، وفقاً لمديرين في صناعة النفط وخبراء مستقلين. وتقول بالتي-غوزمان أنه سيساعد في حماية السيد السيسي من المقاومة السياسية إذا بدت الصفقة وأنها بين شركات، وليس حكومات.
كما تبحث "نوبل" وشركاؤها أيضاً عن بدائل. وقد منحوا التفويض بوضع تصاميم لمحطة عائمة للغاز المسال، والتي ستسمح لهم بنقل الغاز إلى الأسواق العالمية.
تستفيد مؤسسات الأعمال المحلية من الغاز الجديد. وقامت إحدى الشركات الإسرائيلية، دوراد للطاقة، مؤخراً ببناء محطة لتوليد الطاقة بالغاز بقيمة 1.3 مليار دولار بالقرب من عسقلان. وفي اليوم العادي، سوف تلبي المحطة نحو 10 % من حاجات الطاقة في إسرائيل. وتخطط الشركة لإضافة محطة أخرى في الجوار.
يقول موشيه كوهن، مدير المحطة، بينما يأخذ زائراً في جولة في الموقع، بما في ذلك حفرة في الشارع خلفها صاروخ من غزة: "حلمي هو أن أبيع الكهرباء إلى مصر، والأردن وسورية. لدى إسرائيل القدرة على تزويد الكثير جداً من الطاقة".

أخبار ذات صلة

newsletter