طفل يقف في شارع مدمر في منطقة الغوطة الشرقية - ارشيفية
اجلاء دفعة جديدة من الغوطة الشرقية.. ومصير مدينة دوما معلق
تستعد دفعة جديدة من المدنيين والمقاتلين لاجلائهم الجمعة من جنوب الغوطة الشرقية، في وقت أعلنت روسيا التوصل لاتفاق مع جيش الاسلام لاخلاء مدينة دوما، من شأنه أن يسرع احكام قوات النظام سيطرتها بالكامل على هذه المنطقة.
ونفى جيش الاسلام الذي يسيطر على دوما التوصل الى أي اتفاق لاجلاء مقاتليه من المدينة، مؤكداً أن "رفض التهجير" مطلب رئيسي في المفاوضات المستمرة مع الجانب الروسي.
وتشكل خسارة الغوطة الشرقية حيث كان يعيش نحو 400 الف شخص ضربة موجعة للفصائل المعارضة تعد الاكبر منذ خسارة مدينة حلب نهاية العام 2016.
وتوصلت روسيا تباعاً مع فصيلي حركة أحرار الشام في مدينة حرستا ثم فيلق الرحمن في جنوب الغوطة الشرقية، الى اتفاقين تم بموجبهما اجلاء أكثر من 36 ألف شخص الى منطقة ادلب (شمال غرب)، بعدما باتت تسيطر على اكثر من تسعين في المئة من مساحة هذه المنطقة قرب دمشق.
ودخلت الجمعة لليوم السابع على التوالي حافلات الى مدينة عربين في جنوب الغوطة الشرقية لاستكمال عملية الاجلاء من عربين وزملكا وعين ترما، بالإضافة الى حي جوبر الدمشقي.
وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية سانا الجمعة عن "تجهيز 23 حافلة تقل 1065 شخصاً" بينهم 246 مسلحاً تمهيداً لنقلهم إلى إدلب.
وبموجب هذا الاتفاق، جرى منذ يوم السبت اجلاء 31890 شخصاً على ست دفعات الى ادلب، وفق اجمالي الاحصاءات اليومية التي نشرتها وكالة سانا تباعاً.
كما تم اجلاء أكثر من 4600 شخص من مدينة حرستا الأسبوع الماضي.
ومنذ أسبوع، تدخل الحافلات تدريجياً الى مدينة عربين حيث يتجمع السكان يومياً مع أطفالهم وحقائبهم، وتقلهم الى نقطة التجمع الاولى في حرستا. وبعد انتظار داخل الحافلات يمتد حتى منتصف الليل، تنطلق القافلة نحو الشمال السوري في رحلة تتطلب 12 ساعة على الأقل.
وتمهد عمليات الاجلاء هذه الطريق أمام القوات الحكومية لاستكمال انتشارها في الغوطة الشرقية حيث باتت تسيطر على أكثر من تسعين في المئة منها، إثر هجوم عنيف بدأته 18 شباط/فبراير.
- "نرفض التهجير"-
وتتزامن عمليات الاجلاء هذه مع مفاوضات بين روسيا وجيش الاسلام بشأن مدينة دوما، كبرى مدن الغوطة الشرقية.
وأعلن المسؤول الكبير في وزارة الدفاع الروسية الجنرال سيرغي رودسكوي خلال مؤتمر صحافي الجمعة "التوصل إلى اتفاق مع قادة الفصائل المسلحة غير الشرعية لخروج مقاتلين وأفراد عائلاتهم من مدينة دوما في مستقبل قريب" من دون اي تفاصيل اخرى.
واثر هذا الاعلان، أكد الناطق العسكري باسم جيش الاسلام حمزة بيرقدار لوكالة فرانس برس أن "المفاوضات جارية للبقاء في المنطقة.. ولم نصل لاتفاق بعد".
وأضاف "نرفض الخروج والتهجير جملة وتفصيلاً" موضحاً أن "هذا مطلب أساسي في المفاوضات".
وأوردت وكالة سانا من جهتها معلومات "عن قرب التوصل إلى اتفاق يقضي بخروج إرهابيي جيش الإسلام من دوما".
ومنذ بدء المفاوضات مع روسيا، يكرر قياديو جيش الاسلام رفضهم أي حل يتضمن اجلاءهم من معقلهم في دوما.
وتشهد المدينة حيث يقيم نحو 200 ألف شخص وفق تقديرات للمجلس المحلي، تدفق نازحين منها بشكل يومي عبر معبر الوافدين الى مناطق سيطرة القوات الحكومية التي تنقلهم الى مراكز ايواء في ريف دمشق.
وقال محمد (39 عاما) احد سكان المدينة لفرانس برس "نأمل أن يتم التوصل الى حل بين الجهتين. جيش الاسلام هنا ويجب أن يحل وضع المدنيين ونحن متفاءلون". وأضاف "لا أتخوف شخصياً من البقاء ومع خيار المصالحة وليس ضدها. إذا خيروني بين البقاء أم الخروج، سأبقى. لم أبق سبع سنوات هنا حتى أخرج".
- "تنظيف" الغوطة -
وتقدر دمشق خروج 143 الف شخص من الغوطة الشرقية حتى الان، منذ 28 شباط/فبراير. ويتوزع هؤلاء بين السكان الذين خرجوا عبر الممرات الانسانية الى مراكز الإيواء بالاضافة الى من تم اجلاؤهم الى مناطق الشمال السوري.
وقدر وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو الخميس اجلاء نحو 11 الف مقاتل من الغوطة الشرقية.
وأعلن أنه بحلول الأحد أو الاثنين "سنبدأ باعادة السكان الى منازلهم في الغوطة الشرقية ليستعيدوا حياة طبيعية" في اشارة الى اولئك الموجودين في مراكز الايواء المكتظة في ريف دمشق.
وأعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اثر استقباله مبعوث الامم المتحدة الخاص الى سوريا ستافان دي ميستورا الخميس أنه "نتيجة لعملية مكافحة الارهاب التي تشارف على الانتهاء في الغوطة الشرقية، فهذه الضاحية للعاصمة السورية تم تنظيفها بشكل شبه تام من عناصر ارهابية ومتطرفين".
ولطالما شكلت الغوطة الشرقية هدفاً لقوات النظام كونها تّعد أحدى بوابات دمشق، وشكل وجود الفصائل المعارضة فيها تهديداً للعاصمة التي تعرضت خلال السنوات الماضية لسقوط قذائف اوقع عشرات القتلى.
وخلال سنوات النزاع، شهدت مناطق سورية عدة بينها مدن وبلدات قرب دمشق عمليات إجلاء لآلاف المقاتلين المعارضين والمدنيين بموجب اتفاقات مع القوات الحكومية إثر حصار وهجوم عنيف، أبرزها مدينة حلب في نهاية العام 2016.