ارشيفية
تصعيد دولي إزاء دمشق وأهالي الغوطة الشرقية ينتظرون المساعدات
صعّدت الدول الغربية لهجتها إزاء دمشق مؤكدة على ضرورة "محاسبتها" إزاء الحملة العسكرية في الغوطة الشرقية المحاصرة حيث يحتاج عشرات آلاف المدنيين إلى مساعدات غذائية وطبية ملحة.
وتنتظر الأمم المتحدة السماح لها بإدخال مساعدات إلى الغوطة الشرقية التي يحاصرها الجيش السوري بشكل محكم منذ العام 2013، وتتعرض منذ نحو أسبوعين لحملة قصف أسفرت وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان عن مقتل 617 مدنياً بينهم 149 طفلاً، وإصابة أكثر من 3500 آخرين بجروح.
ويجري مجلس حقوق الإنسان التابع للامم المتحدة "نقاشاً طارئاً" الجمعة للبحث في مشروع قرار قدمته بريطانيا، ويطالب بتطبيق القرار الذي تبناه مجلس الأمن الدولي السبت وينص على وقف لإطلاق النار 30 يوماً في سوريا "من دون تأخير"، لإتاحة المجال أمام إدخال المساعدات وإجلاء المرضى.
ويطالب أيضاً "بفتح تحقيق شامل ومستقل بشكل طارئ حول الأحداث الأخيرة في الغوطة الشرقية".
وطغى الدمار على شوارع مدن وبلدات الغوطة الشرقية، وبدا المشهد ذاته في مدينتي دوما وحمورية حيث تحولت أبنية عدة إلى جبال من الركام فيما انهارت أخرى جزئياً، وسقطت واجهات المحال.
وأكدت المستشارة الألمانية انغيلا ميركل والرئيس الأمريكي دونالد ترمب أن "النظام السوري يجب أن يحاسب على التدهور المتواصل للوضع الإنساني في الغوطة الشرقية".
وأضافا أن "هذا ينطبق على استخدام نظام (الرئيس بشار) الأسد أسلحة كيميائية كما على الهجمات على المدنيين وتجميد المساعدة الإنسانية".
وتكرر منذ مطلع العام ظهور عوارض اختناق وضيق تنفس تحديداً في الغوطة الشرقية، كان آخرها في 25 شباط/فبراير حيث أصيب نحو 14 مدنياً بحالات اختناق، وتوفي لاحقا طفلان بينهم. وهددت دول غربية بينها واشنطن وباريس في وقت سابق بشن ضربات في حال توافر "أدلة دامغة" على استخدام السلاح الكيميائي.
كما شدد ترمب ونظيره الفرنسي ايمانويل ماكرون الجمعة على أنهما لن "يتسامحا" في حال ثبت استخدام أسلحة كيميائية.
وطلبت واشنطن من مجلس الأمن الدولي تشكيل لجنة جديدة للتحقيق في استخدام اسلحة كيميائية.
- "بانتظار المساعدات" -
رغم قرار مجلس الأمن حول سوريا، تسري منذ الثلاثاء يومياً بين التاسعة صباحاً (07,00 ت غ) والثانية بعد الظهر هدنة أعلنت عنها روسيا. ويُفتح خلالها "ممر انساني" عند معبر الوافدين، الواقع شمال شرق مدينة دوما لخروج المدنيين.
وفي أحد شوارع دوما، استغلت مجموعة من الرجال الهدنة ليحاولوا اصلاح الأعطال الناتجة عن تقطع امدادات المولدات التي يعتمد عليها سكان الغوطة لإنتاج الكهرباء.
وأفاد مراسل فرانس برس أثناء تجواله في مدينة دوما خلال سريان الهدنة عن صواريخ استهدفت المدينة، ليجد المدنيون من حوله يسارعون بالركض والنزول إلى أقرب قبو يختبئون فيه.
وأفاد المرصد السوري عن قذائف استهدفت خلال الهدنة مدينتي دوما وحرستا.
وفي دوما، قال مالك محمد (25 عاماً) "لم تعط الهدنة أي مجال للاطمئنان، فور انتهائها يعود القصف. وحتى خلال الساعات الخمس، تتساقط بضعة قذائف فيما يكون الواحد منا مرتاحاً أن هناك هدنة سارية".
وفي حمورية، قال محمد (24 عاماً) "الناس لا تزال في الأقبية لانها لا تشعر بالأمان.
وفي الغوطة الشرقية، التي تعد نحو 400 ألف نسمة، تسبب الحصار الخانق بنقص كبير في المواد الغذائية والمستلزمات الطبية. وكان السكان يعتمدون على مساعدات دولية تدخل بشكل متقطع وعلى زراعات محلية أو يأتون بالمواد الغذائية عبر طرق التهريب.
أما اليوم بات منهم من يعتمد على مؤن في بيته مع نقص حاد لمواد عدة تزامن مع ارتفاع في الأسعار، أو على وجبات غذائية توزعها مؤسسات انسانية محلية.
وتعاني الكوادر الطبية أيضاً من نقص في الأدوية والمستلزمات الطبية مع توافد الجرحى يومياً إلى المستشفيات.
وأعلنت الأمم المتحدة الخميس أنها قد تتمكن من ايصال مساعدات إلى الغوطة الشرقية "في غضون أيام"، معتبرة في الوقت ذاته أن الهدنة الروسية "ليست كافية".
وتنتظر أكثر من 40 شاحنة محملة بالمساعدات الإذن لدخول الغوطة الشرقية.
- معبر فارغ -
ومنذ الثلاثاء، تراجعت وتيرة القصف الذي كان الأسبوع الماضي يستهدف يومياً بعشرات الغارات والصواريخ مدن وبلدات عدة موقعاً في اليوم الواحد عشرات القتلى.
ورغم الهدنة الروسية، تواصل القصف على منطقة المرج ومحيط بلدة الشيفونية حيث تدور اشتباكات بين قوات النظام وفصيل جيش الاسلام، أبرز فصائل الغوطة الشرقية.
وأفاد المرصد عن سيطرة قوات النظام على بلدتين جنوب الغوطة.
وخلال أربعة أيام، لم يُسجل خروج أي مدني سوري عبر المعبر الذي حددته روسيا.
وتتهم موسكو ودمشق الفصائل المعارضة بمنع المدنيين من المغادرة وباستهداف المعبر يومياً بالقذائف، الأمر الذي تنفيه الفصائل.
ومن المفترض نقل الراغبين بالخروج إلى "مركز إيواء" في منطقة الدوير شمال دمشق.
وأعرب سكان عدة في الغوطة الشرقية عن خشيتهم من الخروج من دون ضمانات "لغياب الثقة في روسيا"، ومنهم من يخشى التجنيد الإلزامي.
وقال رائد (27 عاماً) في حمورية "نحن لا نرغب بالخروج إلى مراكز إيواء، بيوتنا هنا وأرضنا هنا. لا نريد أن نخرج ونتعرض للاذلال".
وأضاف رائد أنه في حال تم التوصل في الغوطة إلى اتفاق اجلاء، كما حصل في حلب في نهاية 2016، "فسيكون أمر مفروض علينا (...) ولن نستطيع أن نفعل شيئاً".