الاقتراض الحكومي يؤثر على التسهيلات الممنوحة للقطاع الخاص
دراسة: الاقتراض الحكومي يؤثر على التسهيلات الممنوحة للقطاع الخاص
أصدر منتدى الاستراتيجيات الأردني دراسة بعنوان "الاقتراض العام (الحكومي) في الأردن: هل يزاحم القطاع العام القطاع الخاص على الاقتراض؟" وذلك لقياس أثر الاقتراض الحكومي على التسهيلات الممنوحة للقطاع الخاص ومدى مزاحمة القطاع العام للقطاع الخاص على الائتمان المتوفر لدى البنوك الأردنية.
تأتي هذه الدراسة في ظل العجز المستمر في الموازنة العامة والذي يضطر الحكومة للجوء إلى الاقتراض، حيث بينت الدراسة أن نسبة الاقتراض المحلي أعلى نسبيا من الاقتراض الخارجي، إذ أنه من المتوقع أن تبلغ نسبة الاقتراض المحلي إلى إجمالي الدين العام ما نسبته 54% مع نهاية العام الحالي وعليه ستبلغ نسبة الاقتراض الخارجي إلى إجمالي الدين العام ما نسبته 46%. وبحسب النتائج التي توصلت لها دراسة المنتدى فإن هذا يؤدي إلى مزاحمة القطاع العام للقطاع الخاص على الائتمان وعلى حجم التسهيلات الممنوحة له نتيجة تغير السلوك الائتماني للبنوك بسبب حجم الإقراض الكبير للقطاع العام.
وبين المنتدى أن أهمية هذه الدراسة تأتي لما لاقتراض القطاع العام من أثر على حصة القطاع الخاص من الاقتراض، حيث أنه وبحسب الدراسة، يعمل اقتراض القطاع العام على تقليل الأموال المتاحة في البنوك والقابلة للإقراض، وبالتالي يزاحم القطاع العام القطاع الخاص على الائتمان المتوفر في السوق المصرفي. كما أنه مع زيادة استثمار البنوك في السندات الحكومية، قد تتغير سياسة البنوك في النظر إلى مخاطر إقراض الشركات الكبرى، وبالتالي قد تتجنب البنوك إقراض هذه الشركات. مما يؤدي بدوره أيضا إلى مزاحمة القطاع العام للقطاع الخاص على الائتمان المتوفر بالسوق، وبالتالي تظهر دراسة المنتدى أن حجم الاقتراض العام من السوق المحلي أدى إلى تقليص الائتمان المتاح للقطاع الخاص.
وقد قام المنتدى بدراسة أثر المزاحمة على المستويين الكلي والجزئي. فعلى المستوى الكلي درس المنتدى أثر الدين العام المحلي وعجز الموازنة العامة على الائتمان المصرفي للقطاع الخاص خلال الفترة (2004-2017)، وعلى المستوى الجزئي قام المنتدى بدراسة أثر استثمار البنوك الأردنية في السندات الحكومية على سلوكها الائتماني.
وذكر المنتدى في دراسته أن أرقام قانون الموازنة العامة للعام الحالي تشير إلى أن دفعات فوائد الدين العام المحلي تشكل ما نسبته 8.74% من اجمالي الإنفاق العام وهي أعلى من النسبة التي تشكلها دفعات فوائد الدين العام الخارجي (والتي تشكل 3.16%) من اجمالي الانفاق العام. كذلك قام المنتدى بالإشارة الى أن دفعات فوائد الدين العام المحلي تشكل ما نسبته 68.5% من اجمالي الانفاق الرأسمالي.
وأظهرت الدراسة أن السندات الحكومية تشكل جزءا كبيرا من أصول البنوك التجارية الأردنية، فقد شكلت هذه السندات خلال الفترة (2009-2016) ما نسبته 22% من اجمالي أصول البنوك التجارية الأردنية (13 بنك). كما بلغت نسبة كفاية رأس المال إلى الأصول المرجحة بالمخاطر للبنوك الأردنية ما نسبته 18.8% وهذه النسبة أعلى مما هي عليه في سويسرا 16.1% وفي الكويت 17.7% وفي السعودية 16.6% وفي المغرب 13.9% على سبيل المثال.
وبلغت نسبة الائتمان الممنوح للقطاع الخاص من اجمالي أصول البنوك الأردنية خلال الفترة (2009-2016) ما نسبته 49.9%، وما نسبته 46.6% لائتمان قطاع الشركات الكبرى، و9.3% لقطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة، و19.2% لقطاع الأفراد.
وتوصلت دراسة المنتدى إلى أن اقتراض القطاع العام يؤثر سلبا على اقتراض القطاع الخاص أي أنه عندما يزداد اقتراض القطاع العام تقل نسبة إقراض البنوك بشكل عام للقطاع الخاص، مما يعني وجود ما يسمى "أثر المزاحمة". كما توصلت الدراسة إلى أن استمرارية العجز في الموازنة العامة وارتفاعها فإن الائتمان المصرفي المتاح يقل. بالتالي هذا أيضا يشير إلى وجود "أثر المزاحمة".
وأشارت الدراسة إلى أن البنوك التي تستثمر نسبا أكبر من أصولها في سندات حكومية تميل للإبقاء على نسب أدنى من الائتمان نسبة إلى إجمالي أصولها.
وأوصى المنتدى بتوصيات عدة لتقليل أثر مزاحمة القطاع العام للقطاع الخاص على الائتمان، ومن أهم هذه التوصيات أنه على الحكومة أن تأخذ بعين الاعتبار أهمية التأثير السلبي للدين العام على حجم الائتمان الممنوح للقطاع الخاص. ويتطلب ذلك أن تعيد النظر في سياسات المالية العامة كي تتوصل إلى بعض التدابير الإصلاحية لها بحيث تخفض العجز في موازناتها. كما يقع على عاتق الحكومة وكذلك قطاع البنوك النظر في تطوير سوق ثانوي للأوراق المالية الحكومية والذي من شأنه أن يقلل من حيازة البنوك لهذه الأوراق المالية، ومن شأن هذا السوق أيضا أن يكون مصدرا مفيدا للتمويل العام من القطاع الخاص بصورة عامة، وليس من البنوك في الغالب. وأخيرا أوصى المنتدى في تشجيع البنوك على زيادة قابليتها للمخاطرة وأن تبحث عن خيارات وفرص أكثر ربحية، وبالتالي منح ائتمان أكبر، وتوفير عمليات إقراض أكثر، خاصة في ظل النسبة المرتفعة لنسبة كفاية رأس المال إلى الأصول المرجحة بالمخاطر للبنوك الأردنية والتي تشير الى انخفاض المخاطرة لدى البنوك الاردنية بالمقارنة مع البنوك في العالم.
