ما أن يقترب شهر رمضان حتى تبدأ شوارع الأردن تزدان بشكل جميل وجذاب، بين فانوس وهلال وحبال مضاءة ومصحوبة بعبارات دينية، باختلاف أشكالها وألوانها وأسعارها، إذ باتت أحد المظاهر المصاحبة للشهر الكريم، وتعد جزءًا لا يتجزأ من احتفالاته ولياليه.
ويعتبر فانوس رمضان خاصة القديم التقليدي، أحد المظاهر الشعبية القديمة، غير أن اقتناء الفوانيس وإضاءتها في رمضان ظاهرة حديثة نسبياً في الأردن، إلا أن الآباء يقبلون على شرائها لإدخال البهجة والسرور على أبنائهم، حتى عندما تتفاوت وترتفع أسعار الفوانيس والزينة التي تتبعها غالبا.
تحضيرات ممزوجة بالفرح
كثير من العائلات الأردنية تحرص على استقبال الشهر الفضيل بالزينة تعبيرا منها عن الفرحة والبهجة بقدومه، أم علي الحسيني ربة منزل، تقول إنها تشعر ببهجة عارمة حين تبدو نوافذ منزلها ومنازل جيرانها منيرة بالزينة، ما يضفي البهجة والسكينة على المنزل، بالرغم من أن العديد من الأشخاص أخبرها بأن تلك بدعة.
إقرأ أيضاً: فوائد التمر لجسم الأنسان
ونوّهت الحسيني أنها تشعر بالراحة اتجاه هذا الموضوع، خاصة وأن لديها ثلاثة من الأطفال وتريد أن تهيأهم لصيام رمضان، مبينة بأنها وجدت الزينة وسيلة فعّالة لزرع حب رمضان في الأطفال الصغار، لذا يجب على الأهالي اغتنام الأساليب لتهيئة الجو المحيط بالصغير، واعداده نفسيًا للجو الرمضاني من صيام وصلاة وعبادة وقرب من الله، مما يعد فرصة عملية وواقعية لتقوية إرادة الأطفال وزرع الثقة في أنفسهم.
وأضافت أن الاستعداد النفسي للصيام مهم للطفل، حيث يبدأ الأهالي بالتميهد لهم عبر جمالية صورته، والشرح المحبب لهم، ما يزيد من قابليتهم للصوم، وحبه، مشيرة إلى أن هذا الأمر كفيل بأن يقدم البهجة للبالغين فكيف يعود أثرها على الأطفال.
تجارة في موسم خاص
تعتبر تجارة الفوانيس والزينة الرمضانية من الأعمال الرائجة والمربحة في شهر رمضان، حيث تجتهد الورش والعمال والفنيين في صناعتها ويكثر استيرادها ويغلب عليها الطابع الإسلامي في الحالتين.
يعقوب الأعرج صاحب محل أدوات كهربائية ومستلزمات إنارة، بين أنه وكافة التجار قاموا بتحضيرات مبكرة لهذه المناسبة، إذ قام الأعرج بتجهيز محله بكافة أنواع الزينة التي تختلف بأشكالها وأحجامها وأسعارها.
وأوضح الأعرج أن الزينة التي تأخذ الاحجام الكبيرة يكون سعرها في الغالب أعلى، خاصة التي يضاف عليها الاكسسوارات وتكملها حبال من النجوم والأهله الصغيرة، إذ تتراوح أسعار الزينة بكافة أنواعها من 5 إلى 20 دينارا.
كما ذكر أن غالبية المواطنين يفضلون شراء حبال الزينة والفوانيس والأهلة الأكبر حجما، لإدخال الفرحة على قلوب أفراد الأسرة وبخاصة الأطفال منهم، حتى وإن كان بمبلغ عالٍ.
وبحسب الأعرج فإن محله يشهد تهافتا شديدا غير اعتيادي على هذه البضاعة إذ لا يكاد محله يخلو من الزبائن قبيل رمضان، ولا يستطيع هو بالإضافة للموظفين، مواكبة أعدادهم الطالبة لفوانيس ونجوم وأهلة رمضان المضيئة.
ويضيف بأن هنالك من يقوم بشراء الفوانيس والأهلة والزينة لإرسالها كهدايا للخارج، للأصدقاء والأهالي المغتربين، غير أن الطلب عليها لا يقتصر على غايات تزيين المنازل، إنما تكون أحيانا طلبات من الفنادق والكافيهات والمحال ممن يهمهم إضفاء طابع رمضاني على محالهم.
أصل الفانوس
يعد أصل كلمة الفانوس إغريقي، وتشير إلى إحدى وسائل الإضاءة، فتكثر القصص عن أصل الفانوس، إحداها تقول إن الخليفة الفاطمي كان يخرج إلى الشوارع ليلة الرؤية ليستطلع هلال شهر رمضان، فكان الأطفال يخرجون معه ليضيئوا له الطريق، وهم يغنون أغاني مرتبطة بالمناسبة.
وثانيها أن الناس كانت تقوم برفع القناديل والفوانيس فوق المآذن ساعة الإفطار ويتم إنزالها يوميا عند ساعة الإمساك.
وتطورت تلك الفوانيس التي ظهرت إلى جانبها الزنية فى العصر الحديث، لكن تبقّى للفانوس رمزية خاصة خلال شهر رمضان كان أولها في مصر، حتى انتقل إلى أغلب الدول العربية ومنها الأردن، فقد تناقلت الأجيال التقليد، حيث يعد شراء الفانوس من ضرورات التحضير للشهر الفضيل، كما أن تعليق الفوانيس الكبيرة الملونة في الشوارع وأمام البيوت والشقق، وحتى على الشجر، باتت عادة راسخة.