كيف اسمعت الطفلة 'بانا' العالم صرخة حلب ؟

عربي دولي
نشر: 2016-12-16 22:39 آخر تحديث: 2018-11-18 21:33
تحرير: صدام ملكاوي
الطفلة بانا العبد
الطفلة بانا العبد

 ربما في الأوضاع التي شهدتها سوريا وحلب على وجه الخصوص، فصولا أكثر هولا من قضية الطفلة الحلبية بانا العبد وعائلتها التي لاقت استعطافا كبيرا من خلال نقل حياتها اليومية في مدينتها إبان المعارك العنيفة التي شهدتها على مدار الأسابيع الماضية، لكن الطفلة استطاعت هز العالم بأكمله كما اهتز حيها من دوي القذائف.

بانا وهي طفلة لم تجتز عمر الزهور، من حي القاطرجي المحاصر من قبل جيش النظام السوري والميليشيات المتحالفة معه، استطاعت مالم تقدر عليه وكالات أنباء وقنوات عالمية من خلال نقل ما يحدث في حلب عبر صفحة على موقع التدوينات القصيرة تويتر تابعها عشرات الآلاف من رواد الموقع، أملا بتحريك العالم لإنهاء المجازر التي شهدتها منطقتها بعد بقائها تحت القصف فترات طويلة.

وأثارت الطفلة ضجة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، بين من يراها تنقل الوجه الحقيقي لما تشهده حلب من مجازر وأوضاع صعبة، وبين من يتهم جهات وأجهزة مخابرات باستخدام الطفلة كأداة لاستعطاف العالم وصرف النظر عن ما يسمونها جماعات إرهابية في المدينة.

في الثامن والعشرين من الشهر الماضي، كتبت الطفلة تدوينة تصف فيها تعرض منزلها للقصف من قبل قوات النظام، قبل أن تنشر تدوينة أخرى تقول فيها "تحت القصف العنيف الآن - لم أعد أستطيع الحياة بعد ذلك. عندما نموت واصلوا الحديث عن 200 ألف لا يزالون بالداخل. وداعا - فاطمة".

لكن بعد عدة ساعات نشرت صورة الطفلة بحالة يرثى لها بعد أن غطت الأتربة وجهها مرفقة بتعليق يقول "الليلة ليس لدينا منزل.. دمره القصف وأنا وسط الأنقاض. أرى موتى وأنا ميتة تقريبا. بانا. حلب."

ولاقى حساب بانا الكثير من التشكيك من قبل متابعين ومراقبين، خصوصا وسائل الإعلام الروسية ووكالة سبوتنيك التي تساءلت كيف لطفلة في السابعة من عمرها تتحدث اللغة الإنجليزية بطلاقة، إضافة لكيفية حصول عائلتها على الطاقة رغم انقطاع التيار الكهربائي، إضافة لنقلها منشورات تتهم أجهزة مخابرات غربية بالوقوف وراء الحساب.

وتقول الوكالة الروسية في تشكيكاتها نقلا عن شخص يدعى ميثم الشاكر تحدث مع الطفلة بانا لمساعدتها، إن الشخص الذي يدير الحساب كان يفضل الحديث باللغة الإنجليزية رغم أن لغته الأم العربية، إضافة إلى أن الطفلة رفضت عرضا لمساعدتها، وكانت تحظر كل شخص يشكك بصدقها.

وبلغ التشكيك أشده بعدما أنكر الرئيس السوري بشار الأسد وجود الطفلة بانا، معتبراً أن نشاطها عبر السوشيال ميديا، مجرد بروباغندا وخدع غربية.

لكن صورا عبر الأقمار الصناعية بثها موقع "Bellingcat" المتخصص في استخدام البيانات مفتوحة المصدر ووسائل التواصل الإجتماعي للمساعدة في التحقيقات الاستقصائية، أثبتت وجود منزل العائلة الذي تعرض للقصف في التاريخ الذي ذكرته بانا، مشيرين إلى أن الحي نفسه سقط بيد جيش النظام السوري في 4 كانون الأول/ديسمبر، قبل أن يختفي حساب بانا عن "تويتر" لعدة أيام بسبب المخاوف من ملاحقات أمنية واعتقال للعائلة من قبل جيش النظام.

فاطمة والدة بانا التي تدير حساب طفلتها، وتعلمها كيفية الحديث باللغة الإنجليزية لتوجيه رسائل على نحول أوسع، تقول “تستطيع بانا التحدث قليلا باللغة الإنجليزية. أنا أساعدها لأتأكد من أن صوتها يصل لعدد أكثر من الناس باللغة الإنجليزية.”

تتابع فاطمة وهي معلمة لغة انجليزية في مقابلة مع شبكة سي ان ان الأمريكية “أشعر بأننا مستهدفون من قبل النظام، لذلك لا أستطيع أن أخبر أي أحد بمكاني، ولا حتى والداي.”

وبررت فاطمة عدم خروجها من شرق حلب مع الآلاف الذين خرجوا منها بالقول “أخاف فقدان أحد أطفالي إذا هربت مع الناس، لأنهم يعتقدون أنني أعمل ضد النظام. لكنني لست مع أي من الطرفين. أنا أتحدث بالنيابة عن المدنيين، أو عن الأطفال.”

ويترقب العالم مصير السكان المحاصرين في أحياء حلب الشرقية، وخصوصا الطفلة بانا التي باتت أحد أعلام الحرب السوري، بل إن البعض وصف تغريداتها بأنها "موجز أنباء سوريا" خلال الخمس سنوات الماضية.

وفيما لم تظهر الطفلة، وفقا لوسائل إعلام، مع المغادرين من المدينة، يستمر الحساب ببث التغريدات حيث نشرت قبل ساعات تغريدة تقول فيها "أنقذونا الآن".


إقرأ أيضاً: تضارب الأنباء حول انتهاء عملية الإجلاء من حلب


وعاش مغادرو أحياء شرقي حلب التي حاصرتها قوات النظام على مدار أشهر، فرحة الوصول إلى الأمان النسبي في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة، بريف حلب الغربي، إلى جانب مرارة مغادرة مدينتهم.

وأقلت حافلات وعربات إسعاف، مدنيين وجرحى، من حلب إلى المنطقة الآمنة التي تم تخصيصها بريف المدينة الغربي، بعد إجلائهم في إطار اتفاق بين قوات النظام والمعارضة بوساطة تركية ورعاية روسية.

أخبار ذات صلة

newsletter