صورة من الفيديو
قطاع الإنشاءات في الميزان..تباطؤ متسارع وخروج تدريجي من السوق..فيديو
استبشر منتسبو قطاع الإنشاءات قبل سنوات خيرًا، بعد أن تحركت سوق العقارات قليلًا، إثر احتدام الصراعات في دول الجوار، خاصة في سورية، ولجوء مئات آلاف السوريين إلى الأردن، وما ترتب على ذلك من حاجة للتوسع في بناء عقارات جديدة لاستيعابهم، وبناء البنى التحتية اللازمة.
بيد أن ما اعتبرته أوساط اقتصادية فرصًا جديدة للاسثمار، وتحقيق مزيد من الأرباح، خاصة في قطاع الإسكان، كان هو الدافع لعودة أصحاب هذه الآراء بسرعة إلى أرض الواقع، بعد أن أدركوا أن الجمعة المشمشية انتهت، وأن عليهم تكييف أوضاعهم وفقًا لواقع الحال في الظروف الحالية.
قطاع الإنشاءات أخذ يشهد تباطؤًا تدريجيًا منذ خمس سنوات، صحيح أنه كان المفترض وفق خبراء أن يبدأ التراجع في هذا القطاع قبل ذلك بسنوات، إبان أزمة الرهن العقاري، وصحيح أن الحكومات المتعاقبة ظلت تقول إن الأزمة الاقتصادية العالمية أثرت على القطاعات كافة، بما في ذلك قطاع الإنشاءات، غير أن مراقبين يرون خلاف ذلك.
المؤشرات الرسمية الخاصة بالتراجع في قطاع الإنشاءات تؤكد عظم المشكلة، لكن الصورة تبدو جد بائسة، حينما يتحدث منتسبو القطاع عن مآسيهم المستعصية، ولا يجدون من يصغي إليهم باهتمام، فيطلقون لحناجرهم العنان: لقد أسمعت لو ناديت حيًا.
قطاع الإنشاءات ركن رئيس في أي الاقتصاد، أي اقتصاد، وفي الأردن يشكل ثمانية عشر في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ناهيك عما يلعبه من أدوار بارزة في تنشيط الأسواق، وتوليد العمل في القطاعات الأخرى.عوامل كثيرة تجمعت خلال العامين الأخيرين، زادت في طين قطاع الإنشاءات بلة، لا تبدأ بالسياسات الحكومية وإهمال الحكومات المتعاقبة للقطاع، ولا تنتهي بتراجع النمو الاقتصادي، وآثاره الكارثية على الاقتصاد الكلي.
مظاهر التراجع في قطاع الإنشاءات لا تؤثر على هذا القطاع فحسب، بل تتعدى ذلك إلى كل مناحي حياة الأردنيين.
أمانة عمان الكبرى، برغم أن حصة النفقات الرأسمالية في موازتها للعام الحالي مرتفعة، وغير مسبوقة، لا تنكر التراجع الملحوظ في قطاع الإنشاءات، وهي تسعى اليوم إلى اجتراح حلول قد تسهم في استعادة القطاع حيويته.
قطاع الإسكان، بوصفه أحد ركائز قطاع الإنشاءات، يعتبر أن أمانة عمان جزءً من المشكلة ، وليست جزءً من الحل، ولا سيما في البعد المتعلق بازدواجية المعايير في هذا السياق.
قطاع الإنشاءات في وضع مزرٍ، منتسبوه لم يعودوا يثقون بالوعود الحكومية، خاصة بعد أن بلغ السيل الزبى بشأن مستحقاتهم المتأخرة على وزارة الأشغال العامة وجهات حكومية أخرى، وما قد ينتج عن ذلك من آثار كارثية، قد تدفع بعدد منهم إلى خارج السوق.
منسبو قطاع الإنشاءات يؤمنون بأنه ما حك جلدك غير ظفرك، لكنهم يعلمون أنك لا تجني من الشوك العنب، وهو الأمر الذي يضعهم اليوم أمام استحقاق في غاية الأهمية، إما الصمود أمام واقع صعب، أو انتظار الفرج من حكومة بالكاد تستطيع اليوم الوفاء بالتزاماتها.