على مقربة من القدس ..

مقالات
نشر: 2017-03-20 10:10 آخر تحديث: 2017-03-20 10:10
كتابة: الدكتور صبري اربيحات
الدكتور صبري اربيحات

القمة العربية تلتئم هذا العام وسط آمال ضعيفة وشكوك كبيرة في الوصول الى مخارج جديدة من الازمات والمشاكل والصراعات المزمنة فالدول انهكتها الحروب وحاصرتها الازمات والعالم يمر في حالة من الفوضى واللايقين لم يشهد التاريخ الانساني مثيلا لها.

الولايات المتحدة تسعى الى تبني منهجا جديدا في التعامل مع القضايا الدولية وتظهر استعدادها للتعبير العلني عن معاداتها للشعوب العربية والاسلامية تحت ذريعة الحفاظ على الأمن ومكافحة الارهاب وفي أوروبا تحقق الاحزاب اليمينية مكاسب متتالية في الانتخابات التي تجري منذرة بعالم تسوده روح الكراهية والانعزال.

وفي المنطقة العربية تلعب روسيا وايران ادوارا اساسية في تسيير دفة الاحداث في سوريا في حين يعاني الصف العربي من تباين في المواقف حول ما يجري في كل من العراق واليمن وسوريا وليبيا.

المشكلات الأمنية والسياسية التي ادخلت العديد من الدول العربية في عداد الدول الفاشلة ليست هي المشكلات الوحيدة التي تعصف في البلدان العربية فالامة برمتها في موقف محرج بانتظار ما تقوم به الادارة الامريكية التي وعدت بنقل السفارة الامريكية الى القدس والاقتصاد المصري يعاني احد اشد الازمات في تاريخ الدولة التي كانت منارة فكرية وثقافية وسياسية في العالم العربي ومسيرة الامم والشعوب.

المديونية المرتفعة التي تجاوزت كل السقوف الامنة للاقتراض ليست المشكلة الوحيدة التي تواجه الاقتصاد الاردني فقد اصبحت مشكلة اللجوء السوري ووجود الجماعات المتطرفة على حدوده مشاكل جديدة اضافت الى معاناة البلاد المزمنة من البطالة والفقر وضعف الاقبال على فرص الاستثمار وغيرها من القضايا والمشكلات المحلية التي يتطلع الاردن للعون العربي في تجاوزها باسلوب يتجاوز ما اتفق على تسميته بالمنحة الخليجية والصناديق الاستثمارية التي جرت التهيئة لها.

الأردن الذي يستضيف القمة العربية هذا العام يأمل في توظيف كل ما يمتاز به الاردن من خصائص الموقع والاعتدال والاستقرار والقبول الدولي في تحقيق النحاح المأمول ... وسعيا لذلك فقد عمل كل ما بوسعه لتهيئة الاجواء لحوار عربي صريح ومنتح...

لا اعرف اذا ما كان في ذهن اللجنة التحضيرية للقمة هدفا من اختيار شواطي البحر الميت مكانا لانعقادها, فهو النقطة الاقرب لفلسطين , وقد يتساءل البعض فيما اذا اراد ان يقرب القمة العربية من فلسطين ويعيد الى الاجندة القضية التي خفت الاهتمام بها بعدما تفجرت الصراعات في مختلف زواياه. الى جانب الدفء الذي توفره الاغوار سيلقي الزعماء العرب كلماتهم وهم يطالعون جبال الخليل وكنائس بيت لحم واضواء القدس وغير بعيدين عن اريحا اولى مدن الزراعة في العالم.

ربما انها المرة الاولى التي تلتئم فيها القمة العربية على هذا الارتفاع وفي هذا المكان. فالاجتماع الذي سيتناول واقع الامة ينعقد هذا العام في اخفض بقعة على الارض وعلى مستوى ادنى من سطح البحر بكثير. القمة العربية التي يشارك فيها غالبية الملوك و الرؤساء العرب فريدة في موقعها وتوقيتها واجندتها والامال التي يعلقها العرب والعالم عليها.

بالرغم ان المكان يحمل ارثا ثقافيا وتاريخيا ينآى به عن القدسية الا ان في اختياره الكثير من الحكمة.

القمة التي ستنظر في احوال الامة وصراعاتها ومستقبلها في مرحلة ساءت فيها الاوضاع وتزايدت الاخطار وتعمقت الخلافات وتنامت الشكوك ليست في وضع تحسد عليه. فالى جانب التطورات التي طرأت على ملف القضية الفلسطينية بعد تبدل الادارة الامريكية ووعودها للكيان الاسرائيلي بمزيد من الدعم والحماية والتأييد تحتاج معالجة الحروب الاهلية في كل من العراق وسوريا واليمن وليبيا والصومال الى عقلية موضوعية تنظر الى مستقبل الامة والشعوب بعيدا عن الطائفية والتحيز والرغبة في الهيمنة والانتقام.

على صعيد آخر يحتاج ملف مكافحة الارهاب وتنامي الجماعات المعادية للانظمة العربية والخارجة عليها تحت مسميات اسلامية الى تصورات ومعالجات جديدة تعمل على الوقاية والتحصين والمنع قبل الوصول الى مرحلة المكافحة .

الجامعة العربية التي جاء تاسيسها قبل انطلاق هيئة الامم المتحدة بقليل تعقد مؤتمر قمتها لهذا العام وبين يدي قادتها عشرات الملفات وفي عيون اطفال الامة الاف الاسئلة حول مستقبلهم في عالم تسعى قياداته وشعوبه الى حجز مكان لهم في عالم تسوده المنافسة وتصنع ملامحه الامم القادرة على التقدم والعطاء والانجاز.

 

newsletter